كلما إزداد الحديث عن إجراء إنتخابات رئاسية وتشكيل حكومة موحدة في ليبيا تُنهي 13 عاماً من الفوضى السياسية والإقتصادية والأمنية في البلاد بعد سقوط حكم الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011، إزداد نشاط الأطراف والجهات الرافضة لفكرة بسط الأمن والسلام والإستقرار في ليبيا وبدأت تتحرك ووتجهز لإشعال الأوضاع وبدء حرب جديدة تجعل البيئة الأمنية غير مناسبة لأي حلول دبلوماسية.
وتشهد المنطقة الغربية تحركات وصفت بالممريبة وزيارات مستمرة لعدد من المسؤولين من الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها للقاء مسؤولين في طربلس لاسيما بعد تصريح رئيس مجلس إدارة المفوضية الوطنية العليا للإنتخابات في ليبيا، عماد السايح، الذي أكد جاهزية المفوضية عملياً ولوجستياً بنسبة 70% من أجل إجراء إنتخابات هذا العام.
وقال السايح في تصريحات صحفية، إن ما تبقى من نسبة الجاهزية يتوقف على ما يرد بالقوانين الإنتخابية، مشدداً على وجوب أن تكون هناك حكومة واحدة تتحمل مسؤولية الإشراف اللوجستي والأمني على العملية الإنتخابية، مؤكداً على أنه ليست لديهم أي ملاحظات جوهرية على القوانين الإنتخابية.
ضرورة وجود حكومة موحدة في البلاد يهدد وبصورة مباشرة إستمرار رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، في منصبه، الأمر الذي دفعه إلى المضي نحو تنظيم صفوف الميليشيات التابعة له للإنقلاب على أي قرار يقود إلى إسقاطه من منصبه في القريب العاجل وفق بعض التقارير الواردة من طرابلس.
وبحسب الأنباء فإن تنظيم صفوف الميليشيات هذه المرة لن يكون برعاية تركية، بل برعاية الولايات المتحدة الأمريكية بصورة مباشرة.
حيث أنه في ديسمبر العام الماضي، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن تخصيص 15 مليون دولار تحت غطاء نزع سلاح وحل وإعادة دمج الميليشيات في ليبيا، وستتولى شركة “امينتوم” الأمنية مهام تنفيذ المخطط الأمريكي في طرابلس وتقديم الدعم اللوجستي والعسكري اللازم للدبيبة وحكومته لضمان توحيد صفوف الميليشيات.
وبحسب المعلومات التي تداولتها وسائل الإعلام، فقد شوهد جون بوزارث، النائب الأول لرئيس العمليات في شركة “أمينتوم” في العاصمة طرابلس، وتنص الخطة على توحيد الميليشيات ذات النفوذ الأكبر غرب البلاد اولاً وعلى رأسها ميليشيا اللواء 444 وميليشيا الردع بقيادة عبد الروؤف كارة، وميليشيا الفار بقيادة محمد بحرون، وأخيراً ميليشيا فرسان جنزور.
وبحسب التقارير فإن الميليشيات ذات النفوذ الأقل بدأت تُسارع للإنضمام للميليشيات المذكورة، حيث أن الميليشياوي هيثم التاجوري والتابعين له سارعوا بالإنضمام لميليشيا الردع لينالوا نصيبهم من الدعم المادي السخي الذي ستقدمه واشنطن لضمان إبقاء الفوضى في البلاد.
توحيد صفوف الميليشيات غرب البلاد أثار مخاوف الجزائر، وهو ما أعرب عنه وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف خلال لقاء غير معلن مع عدد من المسؤولين بحكومة الدبيبة على هامش زيارته الرسمية في 3 فبراير الجاري، والتي أكد فيه ممثلي عن حكومة الدبيبة سيطرتهم الكاملة على الوضع وأن الميليشيات لن تعبر حدود الجزائر الشرقية.
وعلى الرغم من هذا التأكيد إلا ان الدبيبة طالب بتكثيف الحراسة على الحدود الشرقية خوفاً من توجه الميليشيات نحو الجزائر، وهو أمر يدل على أن حكومة الوحدة الوطنية ليست المسيطر الرئيسي على مجريات الأحداث، وأن واشنطن هي صاحبة القرار في الوقت الراهن، ومن الممكن أن تقوم بتوجيه الميليشيات نحو الجزائر لزعزعة الأمن الداخلي للبلاد للإبقاء على الوضع الأمني المتدهور في المنطقة ككل.