مباشرة بعد إنتشار خبر وفاة العقيد محمد صالح يحياوي كتب الكثير عنه لكن الذي تميز هو الروائي جمال غلاب فكان له هذا المقال
مات آخر جريح في آخر معركة
.. فمباشرة بعد سقوطه و الدماء تشخب من كامل جسده نتيجة الرصاص الذي اخترقه و حتى لا يقع في قبضة عساكر المحتل …وهو صيد ثمين بالنسبة لهم … نظرا لكونه قيادي و بحوزته الكثير من الأسرار و قد يبوح بها تحت التعذيب …. حينها ترجى رفيقه لكي يقضي عليه نهائيا فكان رد رفيقه : و هل أنا المتصرف في روحك و سحب منه بندقيته و إنصرف و عيناه تنهمر بالدمع …و بعدها نقل الى المستشفى العسكري للمحتل على جناح السرعة في إنتظار التحقيق معه ..و تشاء الصدف أن يحدث ما لم يكن في الحسبان …. حيث تم التوقيع على وقف القنال و هو في المستشفى و منه يكتب له عمر جديد ….
مات الذي أخلص لشعبه و لشرف دولته فبعد وفاة ( هواري بومدين ) كانت كل الأنظار متجهة اليه لإ ٌستخلافه ….. فسارع بعض الجنرالات لكسب وده ليتم الاستلاء عليه فيما بعد و كان أنذاك الجنرال بلخير الواسطة بينه و بينهم و كان منه الرد الأخير الذي لا يرقى اليه رد ….و المتمثل في الرفض ؟
و مقابل هذا الرفض همش و الغي و تم قطع راتبه الشهري لآذلاله و مع ذلك بقي صامدا ووفيا لمبادئه …. مات الذي رفض اعتذار الجنرالات من الذين أهانوه و عن طريق الجنرال العربي بالخير لأنه تفطن الى خبثهم و إعتذارهم المغشوش و الذي فسروه و فسره بما قد يترتب من عواقب على إثر وصول صديقه الحميم الى الدفاع و رئاسة الجمهورية الجنرال لمين زروال و لكن الذي من طينة محمد الصالح يحياوي لا يهين ولا يستكين ولا ينتقم حيث رفض حتى اقتراح لمين زروال مقنعا إياه بقول ( يا صديقي اذا استجبت الى طلبك للعمل معك سأسبب لك الكثير من المواجع …و لن يتركوك تعمل بوجودي معك ..في الظرف الذي فيه البلد في أحوج الحاجة الى الإستقرار …و في حكمة غيابي عنك يخدم جهودك و كان الله في عونك )…
مات الذي قضى سنواته الأخيرة منتشيا بما فعله الرئيس بوتفليقة بكبرنات فرنسا من الذين أزاحهم بكل الطرق …. مات الذي لم نستفد من شهادته ازاء مجموعة الشهيد الهاشمي بن يونس و هي المجموعة التي رمي بها في بئر( أحياء ) بسد لقصاب بالمسيلة و تكريما لهم أمر بتشييد نصب تذكاري …. مات المجاهد الكبير محمد صالح يحياوي تاركا من ورائه رصيدا نضاليا و شرفا عظيما ….نم قرير العين يا كبير فمثلك و من بمواصفاتك قد لا يتكرر