كتب الأستاذ سليمان بخليلي على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك مقال مطول نضعه خدمه للنقاش الحاصل على هذا الفيلم وهو يعبر على وجهة نظر كاتبه المقال تحت عنوان
“عن فيلم العربي مهيدي !”
• عرفت المخرج بشير درايس عن قرب عام 2005 بمناسبة تصوير فيلم ” موريتوري ” الذي كتب قصته الروائي ياسمينة خضرا وعالجه سينمائيا المخرج نفسه ، فعرفت رجلاً مريضاً بالعمل السينمائي لحد الهوَس ، مسكوناً بالتفاصيل الدقيقة لحد الملل !!
• بعد عقد من الزمن مازال بشير هو هو ، لم يتغير ولم يتبدل ، صريحاً لا تأخذه في الصراحة لومة لائم ، واثقاً مما يقول وما يفعل ، متشبثاً بمواقفه وقناعاته لا يستطيع أحد أن يثنيه عنها دون دليل ، يقدس مهنته ويتعامل معها تعامل عبادة … و ( العمل عبادة ) حسب الحديث الشريف الصحيح في نصّه الضعيف في تخريجه !
• شاهدت بشير البارحة على قناة الشروق نيوز ، يتحدث عن أسباب ما يسميه ( منع ) الفيلم من العرض ، وتسميه الأطراف الأخرى ( تحفظات ) عنه ، فسجلت الملاحظات الآتية :
• من حيث الشكل :
• أولاً : أطراف الإنتاج ” الجزائرية ” المعنية مباشرة بفيلم العربي بن مهيدي غابت عن الحضور رغم أنها كانت حاضرة في النقاش ، وتمنينا لو أن وزارة المجاهدين انتدبت من يمثلها ويدافع عن وجهة نظرها ، باعتبار أن وزارة الثقافة لم تصدر عنها أية تحفظات مكتوبة تجاه الفيلم ، ذلك أن حضور سليم عڨار( الصحفي بجريدة ليكسبريسيون ) و رابح ظريف هاتفياً ( مدير الثقافة بالمسيلة ) لايمكن أن يمثل الحضور الرسمي لوزارة الثقافة كطرف ( رغم أنهما من المحسوبين على وزارة الثقافة ووزير الثقافة شخصياً ) ، مع ملاحظة أن تدخُّل ( الشاعر والروائي والسيناريست الحصري لأفلام وزارة الثقافة ) لم يُضِف شيئاً للنقاش ، ولم يقدّمْ شيئا يذكر ، واكتفى بترديد عبارته المعهودة : معالي ، معالي ، معالي … وكأنه غير مصدّق أن الوزير ( صاحب معالي ) !!!
• ثانياً : كل التحفظات الموجهة لفيلم العربي بن مهيدي لحد الآن صادرة عن جهة واحدة هي مركز الدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة نوفمبر التابع لوزارة المجاهدين ، فلماذا يتم إقحام ميهوبي في الفيلم بسبب تغريدة كتبتها في تويتر يقول فيها إن فيلم ابن مهيدي لن يعرض قبل أن تبت في أمره لجنة متخصصة احتراما لذاكرة البطل الشهيد ولمساره النضالي ؟
مع تسجيل غياب ممثلي ( لارك و صندق FDATIC المساهمين مالياً من جانب وزارة الثقافة ) !
• ثالثا : مع ذلك ، يؤكد بشير درايس أن مشكلته هي مع ميهوبي شخصياً ، وضرب مثلاً على ذلك بقضية ( الأسماء المستعارة ) التي تحدث عنها الروائي واسيني لعرج ، مشيراً إلى أن التوجه الحالي لوزارة الثقافة يصب في اتجاه سيناريست واحد ( رابح ظريف ) و منتج واحد ( سميرة حاج جيلالي ) مع احترامه لهما ، وأن تلميح واسيني لـ ( الاسم المستعار ) مؤكد ، فضلا عن توجُّهِ ميهوبي نحو التعامل مع مخرجين أجانب ( من سوريا وإيران وغيرهما ) لسبب لن يخفى على أحد !
• رابعاً : يتهم المخرج درايس الوزير ميهوبي أنه ينتهج سياسة الإقصاء بوضوح وعلانية ، دون أن يذكر الأسماء ولا الأعمال المقصودة بكلامه ، والتي يُفهم من كلامه خشية ميهوبي أن تغطي على حضوره أو أعماله !
• من حيث المضمون :
• أولاً : يتمسك بشير درايس بموقفه من تصوير سيرة الشهيد ابن مهيدي برؤية فنية تاريخية تختلف عن مرويات التاريخ الرسمي الذي يُدرّسُ في المدارس ، وأن المجاهدين والشهداء في نهاية الأمر هم بشر يصيبون ويخطئون !
• ثانياً : يؤكد أن التحفظات المسجلة ضد الفيلم حرّرها إداريون لا علاقة لهم بالتاريخ ولا بالسينما ، بدليل أنهم لا يفرقون بين نشيد الثورة الفرنسية (Le Chant des partisans ) وبين النشيد الوطني الفرنسي المارسلييز ( La Marseillaise ) ، حيث تحفظوا عن مشهد أداء بن مهيدي لمقطع من نشيد الثورة الفرنسية في سياق معين !
• ثالثاً : يبرر درايس المشهد الذي تضمن استهزاءً واستهتاراً بالرئيس المرحوم أحمد بن بلة أثناء مشادة كلامية بينه وبين ابن مهيدي بكون الحقائق التاريخية يجب أن لا تغطّى ولا تُخفى على الناس ، وهو ما جعل سليم عڨار يُخِيفُه بإمكانية إثارة فتنة بين عائلتي ابن مهيدي وابن بلة إذات ما تمّ عرض الفيلم بهذه الصيغة ، إلا أن المخرج يقلل من أهمية هذا الاحتمال ويضرب أمثلة بالعديد من الوقائع التاريخية التي تضمنها فيلم معركة الجزائر والأفيون والعصا وغيرهما ، ولم تثر أي فتنة بين أسر المجاهدين .
• رابعاً : يؤكد بشير درايس أن إمكانية تحاوره مع ميهوبي انعدمتْ تماماً ، رغم أن ميهوبي أبدى مرات عديدة إعجابه بالفيلم ثم انقلب عليه بعد ذلك ، ولذلك فهو يقترح إنشاء لجنة مشاهدة على أعلى مستوى تضم مؤرخين وأفرادا من الأسرة الثورية من ذوي الصلة بمحتوى الفيلم يرأسها الوزير الأول أحمد أويحيى ( !!! ) .
• والخلاصة :
• أولاً : بعد الحوار الذي دام أكثر من ساعة تابعنا شريطا توثيقياً لمجريات تصوير الفيلم يبرز فعلاً ضخامة العمل ، من ديكورات ووسائل لوجيستية وتقنيات ، بما يبين أن ميزانية الفيلم ( 70 مليار ) أقل بكثير من المجهودات والأبحاث التي سبقت العمل وواكبته ، فضلاً عن ظهور شخصية المخرج بشير درايس في الشريط التوثيقي كمهني محترف متمكن من عمله يشرف على كل صغيرة وكبيرة ، وهو ما يدحض رأي الصحفي سليم عڨار الذي أشار إلى أن فيلم ابن مهيدي الذي شاهده لا يساوي أكثر من 20 مليار ، مما جعل درايس ينفعل ويقول عنه إنه لم يشاهد الفيلم وأنه كاذب !
• ثانياً : يُثبت النقاش الذي دار أثناء البرنامج الاختلافَ الكلاسيكي المكرّس في الجزائر بين الناطقين بالفرنسية والعربية ، فالذين يشتغلون بوجهة نظر( فرنكوفونية ) ينظرون إلى الأحداث التاريخية على أنها حقائق ووقائع يجب أن تنقل كما هي دون أي تحريف ( درايس وفريق عمله يمثلون هذه النظرة ) ، بينما ينظر المشتغلون بوجهة النظرالعربية ( إذا صح التعبير ) للأحداث التاريخية على ضرورة استبعاد المشاهد التي يمكن أن تشوش التاريخ أو تقدح فيه لدى الجمهور حتى ولو كانت حقيقية .
وفي هذا السياق نسجل أن الصحفي سليم عڨار ( الناطق بالفرنسية ) انحاز على غير المتوقع لوجهة النظر الرسمية التي تمثلها هنا وزارة الثقافة من ضرورة التغاضي عن مثل هذه المشاهد تفاديا لنشوب صراعات بين أسر وعائلات المعنيين في الفيلم !
• ثالثا : يؤكد بشير درايس أنه أمام تنصل عدة جهات مشاركة في تمويل الفيلم عن الوفاء بالتراماتها المالية فقد اقترح على وزارتي المجاهدين والثقافة أن يعيد إليهما أقساط الأموال التي تحصَّل عليها وأن يستكمل إنتاج الفيلم بوسائله وطرقه الخاصة مع ممولين آخرين ، غير أن مقترحه قوبل بالرفض ، مشيراً إلى أنه سيواجه اليوم أمام المحكمة في العاصمة أحد الممولين ( اتصالات الجزائر ) لإلزامه بتسديد أقساطه في ميزانية الفيلم .
ولا أدري كيف غاب عن ذهن المخرج أن معالجة الوقائع التاريخية ( في أفلام ومصنفات سمعية بصرية ) يخضع لموافقة وزارة المجاهدين بموجب مرسوم ، وبالتالي يصعب عليه إنتاج فيلم عن ابن مهيدي موجه للعرض في الجزائر دون حصوله على الموافقات الرسمية ، وهنا أسجل خطأ في نطق وكتابة اسم المجاهد ( محمد عصّامي ASSAMI ) الذي كتب بالفرنسية ( ISSAMI ) ونطقه الممثل التونسي بالعربية ( عِصَامي ) !!
• رابعاً : أعتقد أن الحل الوحيد لهذا العمل الضخم ، الذي يجب أن لا يذهب سدى ، هو النأي به عن ( القبضة الحديدية التي ينتهجها ميهوبي عادةً تجاه معارضيه ) وأن يلتقي الجميع على طاولة واحدة ( كما اجتمع البارحة بشير درايس و سليم عڨار رغم ما نشب بينهما من نزاع حاد على صفحات الفيسبوك ) يَحضُرُها مؤرخون ونقاد رفقة أطراف النزاع ، ثم يتم الاتفاق على حذف المشاهد التي لا تعكس وجهة النظر الرسمية للتاريخ ، ويُعرَض الفيلم كما كان مقرراً أن يُعرَض ، لأن التفكير في إنتاج نسختين من الفيلم ( VF ) موجهة لما وراء البحر ، و ( VA ) موجهة للاستهلاك المحلي اقتراح مستهجن من شأنه أن يسيء للبطل الشهيد ويقدمه للناس بوجهين !
• خامساً : أسجل حياد الصحفي الذي أدار الحوار ( رشدي رضوان ) من خلال التعامل مع آراء بشير درايس الحادة في ميهوبي دون مقاطعته أو حذف كلامه ( في البرنامج المسجل ) رغم أنه محسوب على جماعة ميهوبي ، مع التنبيه إلى إقحامه لصديقه الشاعر والروائي والسيناريست الحصري لأفلام وزارة الثقافة مدير الثقافة بالمسيلة رابح ظريف في النقاش دون أي مبرر ودون أن يقدم أية إضافة للنقاش ، واكتفى بترديد عبارته المعهودة : معالي ، معالي ، معالي … وكأنه غير مصدّق أن الوزير ( صاحب معالي ) !!!