بقلم حياة بن طيبة
إن الاهتمام بتخرج الآلاف من الجامعيين سنويا ،في نظري لابد أن تقابله إستراتيجية جادة لوقف هجرة الأدمغة التي أشبهها بشرخ أدى إلى نزيف داخلي يضيع من خلاله الدم من جسم الإنسان فيؤدي به إلى الموت المحتوم،العلم يطير نحو الخارج في دولة تخصص غلاف مالي هام من ميزانيتها لتكوين شباب المستقبل ،العلم مجاني و النخبة المكونة متوفرة إلا أن مرحلة ما بعد التخرج تصدمهم بواقع مرير و تقودهم حثيثا إلى مغادرة وطنهم مكرهين بحثا عن حاضنة لإبداعاتهم، و طمعا في عيش رغيد يعتبر في الحقيقة مجرد حق من حقوقهم بعد سنوات من الدراسة و البحث و الجهد الجهيد .
فالبيئة صارت طاردة و ليست جاذبة للكفاءات،أرقام يمكن أن أطلق عليها بالمرعبة، تتداولها مصالح رسمية و غير رسمية قرابة 42 ألف جزائري هاجروا إلى كندا ما بين 2006 و 2015 فيما بلغ عدد الأطباء الجزائريين في كندا 150 ألف منهم 86 ألف يعيشون في مونتريال ،فيما أحصت عمادة الأطباء الفرنسيين رسميا 5000 طبيب جزائري يشتغلون في فرنسا ،انه النزيف يا سادة الخطر الذي لا يحسب له ألف حساب ،نخبة مجتمعنا ترحل دون عودة بسبب غياب الحوكمة و عدم توفر الإمكانيات ،فالإحساس بالتهميش صعب و مقيت ،هو شعور لا يعرفه إلا من ذاق مرارة البحث عن يد تمد إليهم فلا تجد سوى الخذلان
تحدثت يوما مع أستاذ جامعي عن الموضوع فقال بأنه يذرف الدموع كلما شاهد حصصا أجنبية يكرم فيها مخترعون وأطباء مختصون ذوو أصول جزائرية مشيرا إلى انه كان يتمنى ان يستفيد المجتمع الجزائري من علمهم وليس الأجانب لان الدولة الجزائرية غرست وسقت الأشجار حتى أينعت لتجني ثمارها فيما بعد فرنسا وكندا و غيرها من الدول الأخرى هجرة الأدمغة تتطلب إستراتيجية محكمة و عاجلة لان الخسائر الكبيرة سيواجهها الجيل القادم ،فان لم نتمكن من استعادة نخبتنا في الخارج التي قطعا لن تعود إلا بتحفيزات خيالية …يرجى الحفاظ على النخبة القادمة من خطر النزيف ..