في وقت كان التهاب الأسعار في السوق الجزائرية يشهد ارتفاعا غير مقبول شعبيا مع حلول شهر رمضان الكريم وغيره من المناسبات الدينية (للأسف) التي يجد المواطن البسيط نفسهُ عاجزا فيها عن اقتناء ابسط الحاجيات بسبب جشع التجار وغاية الربح السريع عند اغلبهم، أصبح الوضع اليوم أكثر تأزما ونحن نقترب رويدا رويدا من الدخول الاجتماعي الذي تقول المؤشرات انه سيكون “دخولا في حيط!! … ” مثلما يقال بالعامية.
المواطنون في صدمة أمام تزايد غلاء أسعار المواد الاستهلاكية للحوم و الخضر والفواكه و غيرها من متطلبات الحياة وحتى سيارة “البيكانتو” أصبحت ” برنسيسة ” في سوق السيارات حسب تعبير مواطن فقد حماسة في شراء سيارة صغيرة ,وهو يشهد التهاب اسعارها ليجد نفسه بين مطرقة رغبة اولاده و سندان الباعة الذين لا يرحمون عزيز قوم ذل بسبب تدني القدرة الشرائية.
القدرة الشرائية أنهكت جيوب الزبائن بمختلف مستوياتهم الاجتماعية ومداخيلهم وأكثر من يدفع ضريبة ذلك، محدودو الدخل الذين لا يفرقون بين ما يعرف باللحوم الحمراء او البيضاء وكأننا في زمن “الوالي علي باشا”،وامام سيناريو ثورة الجياع الفرعونية ينبئ عن بعض حلقاته في الشارع الجزائري وما تتناقله وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي حول الوضعية الاجتماعية المتدافعة بعبئها على كاهل المواطن البسيط بسبب تأزم الوضع المعيشي قبيل الدخول الاجتماعي، وعد رئيس الجمهورية بمراجعة الحد الادنى للأجور، او اضافة منح شهرية لتسهيل المواطن على القدرة الشرائية.
فهل هذا سيكفي في مواجهة تكاليف عيش تتضايق في الجزائر مع تفاقم الازمة الاقتصادية وانهيار أسعار النفط المتواصل ؟؟، ويطالب البعض بضرورة النظر في السوق الموازية للمواد الاستهلاكية المشتعلة خاصة الخضر والفواكه والحبوب، ويؤكد مطالبهم ما قاله الامين العام لاتحاد التجار والحرفيين الجزائريين مطلع الاسبوع الجاري “هنالك سماسرة وسطاء بين الفلاحين والزبون الجزائري ولابد من ضبط نظام السوق ووضع آليات وقوانين تكبح هذا التسيب…». في بلد الذهب الأسود وتنوع الخيرات، بات من الضروري على حكومة أيمن بن عبد الرحمن، اللجوء الى الحلول الجذرية لمواجهة هذه الاسعار المتزايدة كمتتالية هندسية؛ وهذا بزيادة الانتاج ودعم الاستثمار من اجل خلق التوازن بين العرض والطلب ومواجهة الاحتكار للحفاظ على الامن الغذائي الذي هو جزء من أمننا القومي.
هل سيقدُم رئيس الجمهورية على موقف شبيه بما فعله “الوالي اسماعيل” انطلاقا من الوعود الاخيرة التي تحدث عنها في مجلس الوزراء؛ فلا يسمح بثورة جياع تلوح في افق بلد كَثر اعداؤه في الداخل والخارج؟ ويتساءل بعض المتتبعين لأصداء مجلس الوزراء الاخير كيف سقط موضوع غلاء الاسعار المفاجئ من اجندة اجتماع الرئيس بحكومته، وهو موضوع الساعة وهاجس المواطنين وبالمقابل نجد موضوعا مثل “محفظة التلميذ” يأخذ حصة اهتمام المجلس الموقر وهنا اتساءل عن ردة فعل حكومتنا امام غول غلاء المعيشة الذي بات يهدد جيب المواطن البسيط! ،ان القرار الحكومي المنتظر لا يكون بالتمني بل بالقدرة على الفعل الناجع لتجاوز ازمة ارتفاع المطرد للأسعار.
وإنه لمن العجيب ان تنغمس النخب الاعلامية والثقافية في تنظيم منتديات المحاباة والضحك على الذقون بدل رص الصفوف والعمل على مرافقة الحكومة بالنقد البناء للخروج من الازمة الاجتماعية التي تعصف بكل مقالات الولاء الوردية حين نقرا ان بعض النقابات تدعو الى اضراب مطلع شهر اكتوبر بسبب تدهور القدرة الشرائية للجزائريين.
حان موعد مواجهة المواطنين بالحقيقة دون تزييف او تلوين للمحن التي تواجههم لكن بحس وطني ينأى عن التحريض والتأجيج حتى لا نسقط في فخ عداوات المعلوم والمجهول.