لم ننتج على مر سنوات التعددية السياسية التي شهدتها الجزائر مع مطلع التسعينات نخب سياسية يمكن الارتكاز عليها كفاعل سياسي هام يعول عليه في إثراء الحراك السياسي العام الذي تقويه في أي دولة الأحزاب والمجتمع المدني وهما احد مظاهر مجتمع الحريات ودولة المؤسسات .
تضيع العديد من الأحزاب الموجودة في الساحة السياسية بين اختزال هياكلها وهويتها في “الشخوص ” ويتحدث الكثير ممن انخرطوا في تجارب عن “أحزاب العائلات ” وتضيع من جانب أخر هوية الأحزاب وما يجب أن تكون عليه في “ثقافة تسطيح العمل السياسي والحزبي ” ومن ثمة إتاحة الفرص في مواعيد انتخابية هامة لمن هب ودب ليكون مترشحا ثم منتخبا يدير شان عامة وخاصة القوم .
المتأمل في أكثر من عشرين سنة من تجربة التعددية السياسية التي جاءت فعلا في سياقاتها التاريخية على عجل يدرك تماما أننا ضيعنا فرص ثمينة في بناء نخب سياسية تدير قاطرة أحزاب تقدم في الأخير مشروع مجتمع ودولة وتبني وعيا اتجاه الراهن السياسي الاقتصادي والاجتماعي وتؤسس لفعل سياسي يقوي مكونات الدولة ويعزز مناعتها اتجاه الوافد من تحديات ويعزز روابط الاتصال بين الحاكم والمحكوم .
لايقاس أبدا الحراك السياسي بتعداد الأحزاب وما تعج به من أشخاص فثقافة النضال تغيب بالكم الذي أصبح واضحا في الكثير من المنابر الحزبية وثقافة الاشتغال بالسياسة في المواعيد طاغية في هذا الوطن أكثر من أي وقت مضى.
إنما يقاس الحراك السياسي بقدرة الأحزاب على تصدير نخب وإطارات قادرة على التسيير وثمثيل صوت المجتمع وتطلعاته وخدمة الصالح العام.
بقلم محمد مرواني
باحث وكاتب صحفي