شهدت العاصمة الليبية طرابلس وضواحيها يومي 6 و7 يناير العام الجاري مظاهرات شعبية عارمة طالبت برحيل حكومة عبد الحميد الدبيبة التي فشلت في تحقيق مطالب الشعب ببسط الأمن والسلام والاستقرار وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية حرة ونزيهة بتطلع لها الشعب منذ إسقاط حكم الرئيس الراحل معمر القذافي في 2011.
واختلفت الآراء حول أسباب المظاهرات في هذا التوقيت بعد صمت دام طويلا، فهنالك من يرى أن من أشعل الشرارة هي وزيرة الخارجية السابقة في حكومة الوحدة الوطنية، نجلاء المنقوش، وتصريحاتها النارية التي كشفت تفاصيل لقاءها بوزير الخارجية الإسرائيلي السابق إيلي كوهين في عام 2023 وأنه كان بتنسيق بين الحكومة في طرابلس ونظيرتها في إسرائيل، على خلاف تصريحات الدبيبة التي قال فيها أن حكومته لم تكن على علم بهذا اللقاء.
على الجانب الأخر يرى البعض ان سبب المظاهرات هو العملية العسكرية التي شنها رئيس حكومة الوحدة ووزير الداخلية بالحكومة، عماد الطرابلسي، على مدينة الزاوية ضمن الخطة الأمنية التي أعلن عنها أمر قوات الساحل الغربي، صلاح النمروش، بهدف تفكيك التشكيلات المسلحة الخارجة عن القانون حسب وصفه.
الخبير الإستراتيجي والباحث في الشأن الليبي، أحمد خلدون، قال: “إن قرار شن هذه العملية العسكرية على مدينة الزاوية لم يكن يهدف لمكافحة تهريب الوقود والبشر عبر السواحل القريب من المدينة، بل السبب الرئيسي هو إعراب الجماعات المسلحة في طرابلس وضواحيها مخاوفهم من التواجد الروسي في شرق ليبيا والذي يشكل تهديداً مباشراً لنفوذ الميليشيات في المنطقة”.
ويرى خلدون أن الدبيبة يسعى لتهدئة الميليشيات عبر قمع الفصائل المتخوفة من جهة وطمئنت البقية من جهة أخرى، واستند في تحليله إلى تصريحات الطاهر الباعور المكلف بالخارجية في حكومة الدبيبة الذي قال: “إن الحديث عن تحرك معدات روسية من ليبيا هو مجرد تقارير إعلامية ولا يوجد أي صحة لهذه التقارير”.
هذا الحديث جاء على الرغم من أن الدبيبة نفسه أعرب عن رفضه للتواجد الروسي ونقلها للعتاد العسكري إلى شرق البلاد وتبعتها تصريحات غربية على لسان وزير الدفاع الإيطالي، غويدو كروسيتو، الذي قال إن السفن والغواصات الروسية في البحر المتوسط هي مصدر قلق دائم، ومع نقل العتاد الروسي إلى ليبيا أصبحت موسكو أقرب إلى أوروبا بشكل مقلق.
الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية هي أول من تداول أنباء نقل القواعد العسكرية الروسية من سوريا إلى ليبيا. فبحسب التقرير الذي أعده بينوا فوكون ولارا سيلغمان ونشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” أكدا فيه أن روسيا سحبت انظمة دفاع جوية وأسلحة متقدمة من سوريا ونقلتها إلى ليبيا.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين وليبيين قولهم إن روسيا تسحب أنظمة دفاع جوي متقدمة وأسلحة متطورة أخرى من قواعد في سوريا وتنقلها إلى ليبيا، في وقت تحاول فيه موسكو جاهدة للحفاظ على وجود عسكري في الشرق الأوسط بعد انهيار نظام الأسد في دمشق.
وقال المسؤولون إن طائرات الشحن الروسية نقلت معدات دفاع جوي، بما في ذلك رادارات لأنظمة S-400 S-300، من سوريا إلى قواعد في شرق ليبيا يسيطر عليها حليف موسكو في ليبيا قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر.
ونقلت روسيا قوات وطائرات عسكرية وأسلحة من سوريا في تخفيض كبير لوجودها هناك وتم اختيار ليبيا لتكون مركز العمليات الروسي الذي سيعمل على تقديم الدعم للحلفاء في إفريقيا في حربهم ضد الميليشيات المسلحة والجماعات “الإرهابية” في المنطقة.