محمد بن رحال الندرومي
أول طالب حامل لشهادة الباكالوريا
تعتبر فترة أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين،المهد والمنطلق الأساسي للحركة الوطنية، لكن الشائع بين الباحثين أنها فترة ركود وهدوء، دليلهم على ذلك أنّ هذه الفترة لم تشهد نشوء وقيام حركات وأحزاب سياسية في أوساط الجزائريين، متغاضين عن الأفراد والجماعات التي كان لها دور كبير في خوض غمار الحوار والمحافظة للنهوض بمجتمع رافض لما تقوم به السياسة الإستعمارية، ومن بين هؤلاء المعارضين نذكر: محمد بن رحال الندرومي( 1858-1929م) وبالرغم من أنه لم يعبر عن رأي حركة أو حزب معين، إلا أنه يعتبر من الأعلام الجزائريين البارزين في مجال الفكر التنويري.
ولد الشيخ محمد بن رحال ببلدة ندرومة في 16 ماي 1858م،سليل أسرة عريقة تتمتع بمكانة علمية وسياسية متميزة، أدخله أبوه الكتّاب وهو لم يتجاوز السنة الخامسة من عمره، فلقنه شيخه القرآن الكريم،و أهم ماقيل فيه ماقاله مصالي الحاج”إن هذا الرجل الذي يبلغ من العمر ستين سنة تقريبا، كان رئيس عائلة كبيرة ومشهورة في الجزائر والمغرب،له ثقافة عربية وفرنسية واسعة وكان له أناقة رئيس عربي حقيقي”.
وحسب ماسبق ذكره، ورغم تضارب الآراء حول المستوى التعليمي لمحمد بن رحال وما حاز عليه من شهادات، يذهب أحد أقربائه وهو رضوان بن رحال إلى القول”أن ابن رحال هو أول طالب حامل لشهادة الباكالوريا”.
وزيادة عن هذا اهتم ابن رحال بالجانب السياسي والديني والإقتصادي والإجتماعي وهو ما جعله يتقلد عدة وظائف،ففي سنة 1887م تقلد منصب مترجم، وفي سنة 1897م حضر مؤتمر المستشرقين وداخل أشغال هذا المؤتمر دافع عن مبادئ الحضارة الاسلامية، ليشغل بعدها وظيفة مراقب في المجلس العام بوهران،وفي سنة1912 كوّن وفد من أعيان ونواب الجزائر وذهب على رأسهم إلى باريس ليدافع ضد قانون التجنيد الإجباري الذي فرضته السلطات الفرنسية في حق الجزائريين ، كما أبدى معارضته للقوانين الإستثنائية التى تعتبر نمودجا فريدا في توضيح سوء معاملة فرنسا الإستعمارية للشعب الجزائري وممارسة العنصرية بالجزائر.
أما فيما يخص موقفه من سياسة الإدماج فقد أظهر رفضه الشديد لها، وفي سنة1903م قام بنشر كتاب تحت عنوان “بحث في مسألة الأهالي في الجزائر” وقال في هذا الصدد”الإندماج والدمج غير قابل للتحقيق”.
إضافة إلى هذا ففي ما يخص مسألة التعليم قام بتقديم وثيقة لم تنشر سنة 1892م بعنوان”مشروع إعادة تنظيم التعليم العالي في الجزائر”.
وأخيرا يمكن القول أن الوعي الكبير لسي محمد بن رحال بقضايا أمته التي جعلها المحاور الرئيسية لنضاله طيلة أربعين سنة، يعكس قدرته على محاورة النظام الاستعماري بأسلوب عصري وهو المقاومة بالحوار التى تحاول الحصول على الحقوق بالمطالب والعرائض.
بقلم نهاض هاجر-طالبة جامعية-