بدعوة من مدير ( معهد سرفنتاس 2010م ) التابع للسفارة الإسبانية , حضرت مع جموع غفيرة من المثقفين الجزائريين و أجانب و طاقم من السفارة الإسبانية محاضرة للإستاذة ( أدريانا ) رئيسة جمعية ( سرفنتاس ) العالمية بإسبانيا و ذات الأصول الأرجنتينية و بعد توزيع السماعات المتعلقة بالترجمة الفورية من المنظمين …
راحت المحاضرة ( أدريانا ) تدك المعاقل الثقافية و الإبداعية الجزائرية بوابل من التهم الوضعية و التي كلها كذب و ظلم و التي لا ترقى الى قامة العنوان الطويل و العريض الذي تحمله ( رئيسة جمعية سرفنتاس العالمية ) وبالمختصر المفيد …و بخصوص ما جاء في محاضرتها :
ــــ لم يكن هناك إبداع ولا ثقافة في الحيز الزمني الذي وقع فيه ( سرفنتاس ) في الأسر بالجزائر ( 1575م الى 1580م) لذلك لم يجد ما يكتب عنها ؟
ــــ السيدة الجزائرية ( زوريدا أو ثوريا ) التي ورد ذكرها في فصل الأسير (captif) من رواية ( دون كيشوت ) هي من وحي خياله ؟
ـــ( الداي الجزائري ) مريض بالشذوذ الجنسي و هو من كان يجبر ( سرفنتاس) على ممارسة اللواط معه مقابل التسامح معه في فراره من السجن في العديد من المرات..الخ
و في حيز النقاش أخذت الكلمة و رحت أوضح بالتالي : سيدة ( أدريانا) و تعمدت إستعمال صفة ( السيدة ) بدل صفة ( الدكتورة ) لأن كلامها لا يرقى الى الصفة ( الدكتورة ) (؟إ)… إنه على الرغم ما صدر منك من إهانات و تطاول على ثقافتي و مع ذلك أهلا بك معززة و مكرمة و ليس على طريقة الثقافة ( الرومانية ) الضيف مثل السمك إذا تجاوزت إقامته يوما تعفن ..على العكس ما توصي به ثقافة و أعراف الجزائريين التي تكرم الضيف لمدة ثلاثة أيام أي بعد أن يغتسل و يرتاح و يسترجع قواه من السفر ثم بعد ذلك يسأل من يكون ؟ و ما حاجته ؟ و لك النظر و حسن الإختيار في الثقافتين ..؟
و بخصوص الإبداع و الثقافة أقول : ثقافتنا شفاهية أي لم تعرف التوثيق فهي تنتقل من جيل الى جيل بالتواتر ومع ذلك لها شواهدها ففي القرن 11الميلادي كان أجدادي في عهد الدولة الحمادية يبنون الإقامات و القصور مصحوبة بالمسابح للدلالة على رقيهم و رقي دوقهم و تحضرهم بينما في أروبا و كل العالم كان ملوكهم يقضون حوائجهم وراء الجدران و الساحات العامة و في هذه الحالة ومن المؤكد لا يوجد مجالا للمقارنة …؟ لأن ثقافة المجتمع الجزائري دائما هي الأرقى ؟ …وفي (بجاية) و بإعتراف كل من درس بها من الضفة المقابلة أن ( الناصرية لجاية ) كانت عروس البحر الأبيض المتوسط و الشاهد على ما أدعي عالم الرياضيات الإطالي ( ليوناردو فيبوناتشي) الذي نقل رسم الأرقام العربية ( 0.1.2.3.4.5.6………….) الى أروبا و العالم لسهولة استيعابها و بساطة استعمالها …
أما ( زوريدا أو ثوريا ) التي حشرتيها في باب الخيال فهذا يمكن إسناده الى الثقافة الغربية الغير منصفة دائما و قد تعودنا على مثل هذا الظلم ومنذ عصر نهضتكم و حتى من أبناء جلدتنا ؟ من الذين لا يتوقفون على جلد الذات تارة بإسم الإلحاد و تارة أخرى بإسم الحداثة ؟ فإذا كانت ( زوريدا ) من مخيال ( سرفنتاس ) كما تدعين و تبعا لمنطقك سيصير ( سجن البايلك ) من خياله و هو لا يبعد عنك سوى ببعض الأمتار و مغارته بالحامة و التى على مرمى حجر من تواجدك و باب (عزون ) و قصر الداي وووو الخ هذه المعالم التي تتضمنها رواية ( دون كيشوت ) و أيضا هذه الرواية من وحي خياله و التي يقر إزاءها الأسبانيون أنفسهم بأنه جاء بهذا الجنس من الجزائر ؟
و تبعا للتحقيق الذي أجريته وجدت أن الجنس الروائي إستمده ( سرفنتاس ) من رجل الحلقة و هنا قاطعني أحد الحضور و هو جزائري ( أول رواية هي الحمار الذهبي لأبوليوس ) ) و عقبت على كلامه ( الحمار الذهبي لأبوليوس ) نص و فقط و مكتوب باللغة اليونانية و يفقتقر لعناصر السرد ( اللغة و الحدث و المكان و الزمان و الوصف و الشخوص و الحوار و الخيال ) بينما ما يرويه رجل الحلقة في أسواقنا الأسبوعية و الى يوم الناس هذا فهو يحيوي عناصر السرد الثمانية و المعمول بها في نقد الرواية و في كل الجامعات العالمية و من هذه القاعة فيما مضى ناقشنا نشأة الرواية و أطلب رسميا من مدير المعهد تخصيص لي أمسية للرد على كل الإفتراءات قديمها و حديثها ؟..و في هذه اللحظة التي أردت التوقف و إذا بسؤال يخترق القاعة مضمونه و قضية اللواط ؟و حينها إتفجرت القاعة بالضحك و اذا بالمخاضرة ( أدريانا ) تغرق في خجلها من نفسها متمايلة يمينا و شمالا و كأنها تريد الفرار من الموقف الصعب الذي وضعت نفسها فيه ؟ وواصلت مرافعتي مجيبا : أحتراما لأبائي المسحيين فأنا لم أتطرق في كتابي ( سرفنتاس في الحامة ) الى قضية اللواط …عندما كان (سرفناس ) في الجيش الملكي بقيادة ( مند يخار ) في عهد الملك فليب الأول و ما أقوله هو متداول بين المثقفين الأروبيين و نخبهم أن الكردينال ( أوكفيفا ) كان مريضا بالشذوذ الجنسي و لما رأى ( مخائييل سرفنتاس ) طلب من الملك ( فليب الأول ) وضعه في خدمته و حراسته و كان له ذلك و لا داعي الدخول في التفاصيل …و هناك كتابات موثقة ولا غبار عليها تثبت أن ( الكردينال أوكافيفا ) عند سفره الى إيطاليا صحب معه ( سرفنتاس ) …و تنفجر القاعة بالضحك ثانية و تعم الفوضى …؟
و ختمت مرافعتي متسائلا ( لماذا مبدعيكم يتدفقون بالإبداع و الفكر في أروبا و عندما ينزلون الى الجزائر يتحولون الى فاسدين ؟ فقط لأنهم كتبوا عن الجزائر و الثقافة الجزائرية و قد تكررت هذه الإفتراءات مع ( أندري جيد) الذي خص الجزائر بمؤلف و مع ( إزابال إبرهاردت ) التي خصت الثقافة الجزائرية ب 12 مؤلف و التي نعتوها بالبوهيمية و مع ( فكتوري باري كوند ) التي رمته الصحف إستصالية بكل التهم و السبب لأنه كان يدير جريدة باللغة العربية و الفرنسية (AKHBA) و بنشر الثقافة الجزائرية ….
و في اليوم الموالي خرجت جريد ( Alwatan ) و هي الجريدة الوحيدة التي حضرت بصفحة كاملة عن ( أدريانا ) و أعمالها و فتوحاتها الثقافية في أمريكا اللاتينية و إسبنايا و لم تحو ولو كلمة من مرافعتي حينها ردد ت مقولة ( إزابال ابرهارد) و هي في طريقه (من برج لوأعراريج ) الى (المسيلة ) رفقة ( بوبكر النايلي )و مفادها ( في أنتظار وطن قادم من المسنقبل ؟إ ) …و بعد 10 أيام إتصلت بي جريدة الشروق اليوم مثل ذلك القطار الذي يزحف بطاقة فحم ( الكوك ) لتسألني عن ما حدث في معهد ( سرفنتاس ) ؟.