بقلم :سمير عبد الله
*الجنرال عبد الغني هامل معروف في الأوساط العسكرية والامنية على أنه رجل كثير الصمت قليل الكلام ، ويتأخر أحيانا في التعبير عن رايه وغضبه، فلماذا قال الجنرال كلامه الخطير ؟ ، ومن هي الجهة التي أعطته ضمانات ؟ ، هذا هو السر الكبير الذي ستجيب عليه الأيام القادمة .
لن ندخل في القيل و القال و الاعتماد على مصادر خاصة او معلومات حصرية بل نكتفي بتصريح الجنرال عبد الغني الهامل مدير الامن الوطني الذي ادلى به قبيل اقالته لنحاول فهم و استنتاج ما حدث لسببين
أولاً لاحد يفهم ما يُطبخ داخل علب النظام لانها مبنية على نزوات شخصية و صراعات داخلية بعيدا عن مؤسسات الدولة و الا لكان أصحاب مصادري الخاصة، اول من اعلن تنحية الهامل
ثانياً تصريح الهامل كان استرجالي غير مدروس، صرح به في حالة غضب لذلك فضح كثير من الاشياء لتمرير رسائل لخصومه مباشرة
التصريح الذي اطاح بـ عبد_الغني_الهامل على ما يبدو كان كالتالي:
:” اللي حارب الفساد لازم يكون نظيف..اللي حارب الفساد لازم يكون نظيف،..حنا ولو ان المؤسسة ليست معنية مباشرة بالتحقيق، راها كل الملفات اللي عندنا وتخص هذه القضية سنقدمها للعدالة، ثقتنا كبيرة في العدالة”ثم اردف قائلا: “باش انحبسوا المؤسسة،..امور كهذه ما نقدروش باش انحبسوها، ما نقدروش انحبسوها لان المؤسسة عازمة باش تبقى تحت تصرف العدالة، لانو لا احد يستطيع ان يحبس مؤسسة، لا بالادعاءات ولا بعمليات تخويف، ولا بعمليات تلاعب ببعض الامور..وانقول باللي رانا صامدين وباقيين على عهدنا”
نبدأ من اول ما قاله “الي حارب الفساد لازم ايكون نظيف” البعض فهم أن هذا الكلام كان موجهًا مباشرة الى القايد صالح لماذا ؟ لأن الجيش الوطني الشعبي هو من قاد عملية مداهمة الباخرة و سحبها للميناء و تفتيشها كما بينه فيديو الذي بثته وزارة الدفاع الوطني و بعد حجز كمية الكوكايين تم تسليم ملف القضية للدرك الوطني للتحقيق و تقديم المشتبهين للعدالة، اذا القضية من اولها الى الان و هي تحت ادارة المؤسسات التابعة لوزارة الدفاع الوطني و بالتالي الهامل ارتكب خطأ لا يغتفر ، والبعض الآخر فهم أن الكلام كان موجها لقائد سلاح الدرك الوطني اللواء مناد نوبة
“حنا و لو ان المؤسسة غير معنية بالتحقيق” كلامه هنا يوضح بما لا يدع مجال للشك ان مؤسسة الامن الوطني غير معنية لا من قريب و لا من بعيد بالتحقيق او الاستشارة في القضية و هذا ربما ما ازعج الهامل الذي يبدو انه غير ملم بتطورات القضية و ان جهاز الشرطة معزول تماما عن خيوط الملف
“راها كل الملفاة الي عندنا و تخص هذه القضية سنسلمها للعدالة ” هنا اهم تصريح مادام جهاز الشرطة غير معني بالتحقيق في القضية لماذا السيد الهامل يصر و يلح على اقحامه بملفات يريد الدخول بها في معركة التحقيقات الا اذا كان الهامل يريد ان يدخل للقضية للدفاع عن نفسه و لضرب خصومه الذين سربوا اسم سائقه الشخصي و لم يقل سلمناها للعدالة رغم مرور اسابيع على تفجر القضية، و انما قال سنسلمها و هنا تهديد ضمني بأن (انا كذلك لي اوراق ضغط للعب في ملف القضية)
“ثقتنا كبيرة في العدالة” يعني هذا الكلام ان القضاة يتعرضون لضغوطات من اجل تمييع القضية و اخراجها عن مضمونها و إنتقاء المتهمين بعناية لحماية ما يمكن حمايته من الرؤوس الكبار ، و قد يكون هو كبش الفداء لذلك يريد ان يقدم ما لديه من ملفات لتحميه من العدالة التي اجزم أنه يثق بها
“المؤسسة عازمة باش تبقى تحت تصرف العدالة” يعني فيه اطراف تريد اخراج المؤسسة عن اطارها القانوني و ثنييها عن تقديم الملفات التي بحوزتها للعدالة و الهامل متمسك بالعدالة و القانون و ان له ثقة في العدالة لتاخذ ملفاته على محمل الجد و تدرسها و تعتمد عليها في حيثيات التحقيق
“لا احد يستطيع ان يحبس مؤسسة لا بالادعاءات و لا بعمليات التخويف و لا بعمليات التلاعب ببعض الامور ” تصريح واضح وضوح الشمس في عز الصيف بان الهامل و جهازه الأمني يتعرضان لضغوط كبيرة بالادعاءات، و يلمح بها لذكر اسم سائقه الشخصي في القضية الذي نفته المديرية العامة للامن الوطني، و بالتخويف الذي معناه التهديد و هنا يقصد تهديده بالاقالة وربما بالمتابعة القضائية
“رانا صامدين و باقيين على عهدنا” هنا يبين أنه سيخوذ معركة وجودية مع خصومه و أنه صامد و لن يتزحزح خاصة، و أن الهامل لازال في عز عطائه و مزال يطمح اكثر في تسلق سلم المسؤوليات
مما سبق نستنتج ان الهامل كان تحت ضغوطات كبيرة من جهة نافذة لثنييه عن دخول معترك التحقيقات و تقديم الملفات للعدالة كرد فعل على الذين ربطوا اسمه بقضية الكوكايين بتسريب إسم سائقه الشخصي كمتهم ، و لقاءه الصحفي مع الاعلاميين كان للدفاع عن سمعته فقط كمسؤول سام في الدولة، و كان كل شيء يمر عاد لو لا زلت لسانه “الي حارب الفساد لازم ايكون نظيف” التي كلفته اقالة فورية فيها كثير من العنف المعنوي و الاهانة لشخصه باعتبار انها اتت مفاجئة و ربما قبل نهاية ندوته الصحفية
قرابة الهامل من الرئيس لم تشفع له امام اقالة تمت بطريقة امر طبق، فهل انتقل مركز القرار من المرادية الى طاڨارا ام ان الامر سجال؟هذا السؤال اجابته في معرفة الاسماء المتوقع سقوطها لاحقا.
ملاحظة :
المقال يعبر عن راي صاحبه فقط.