– تخيل أنك تحت شمس حارقة و لا تخرج من المنزل إلا للضرورة القصوى لأن الحرارة قد فرضت عليك حضرا للتجوال من الساعات الأولى للنهار حتى غروب الشمس
.. تعيش في ولاية ليس فيها مرافق لا صحية لا ثقافية و لا ترفيهية .. إن نظرت فلن ترى سوى الرمال تحيط بك من كل جهة و إذا أردت الإستجمام فليس لديك سوى الإنتقال لأكثر من 800 كلم للوصول لأقرب شاطئ .. بطال منذ سنوات و باقي إخوتك جامعيين و بطالين و بدون مستقبل معلوم كذلك و تعيش في منزل لا يتسع لكل أفراد العائلة و أنت تحلم أن تتزوج و تستقر و تكون أسرة لكن كل هذه الظروف تمنعك من مجرد التفكير في الزواج .. و يأتي أحدهم يجلس بجانبك يحمل مذياعا به مشغل أشرطة أو سيديهات غنائية و يشغل أغنية و يقول لك يا لها من أغنية رائعة قُمْ لترقص قليلا و ” تنحي على روحك ” ألا يقودك القنوط و التذمر من ظروف الحياة التي تعيشها أن تحمل المذياع و ترميه على الحائط ليسقط على الأرض براغي و قطع بلاستيك و كأنه رمي في رحى و ربما تكسير المذياع لن يشفي غليلك فتقوم و تضرب الشخص الذي أتى بالمذياع قائلا له ” راك تشوف فِيَ فرحان و سعيد لدرجة أن أرقص على أنغام الأغاني … أعطيني خدمة و أعطيني سكنة و ووفرلي الماء الشروب و نقصلي في الكهرباء على الأقل نقدر نشغل المكيف بفاتورة كهربائية معقولة و بعدها أنا نتحول إلى مذياع من الفرحة و نغنيلك و نرقص معاك ” .
– هكذا هم إخواننا في ورڤلة و في الجنوب الكبير بدون إستثناء يعيشون في معاناة واعون مثقفون لم يأخذو المذياع و يرموه علىو الحائط و لم يقوموا و يضربوا الشخص صاحب المذياع و هذا ليس من شيمهم .. بل إحتجوا على المذياع و صاحب المذياع بطريقة حضارية تحسب لهم .. فالصلاة ليست جديدة عليهم فالجنوب مليئ بالزوايا التي تخرج منها الآلاف من حفظة القرآن الكريم أتقنوا فيها لغة الضاد نطقا و كتابةََ مما جعل الكثير منهم يصبح فيما بعد شعراء و أدباء و كتاب و رجال دين و علماء لهم صيتهم و سمعتهم في شتى الأقطار و ليس في الجزائر فقط عظماء ولدوا من رحم المعاناة .
– ثم يأتي ممن يصطادون في المياه العكرة و البعض من مصاصي الدماء ممن إقتاتوا على الدماء في العشرية السوداء ليكونوا ثروات في وقت كان فيه الأبرياء يذبحون و هو كانوا يتاجرون بتلك الدماء , قلت يأتون لينعتوا ناس ورڤلة الطيبين بالداعشيين و بالإرهابيين لمجرد أنهم إحتجوا بطريقتهم الخاصة بإقامة صلاة العشاء فلم يكسروا و لم يخربوا و لم يعتدوا على أحد … وفروا لهم ما هم بحاجة إليه و سوف يرقصون فرحا و سعادة لتحسن ظروفهم أما أن ينطلق المستأْذِبون من أشباه الإعلاميين و التنويريين الذين هم أنفسهم يحتاجون لتنوير لعماء بصيرتهم و الذين تعودوا على مذاق الدم خلال العشرية السوداء لزرع الفتنة و البلبة بين أبناء الوطن الواحد و نعت أهلنا في الجنوب بالإرهابيين و بالدواعش و غير ذلك فهذا ما لم و لن يقبله عاقل … إذهبوا لتغتسلوا من قذارة أفواهكم التي تفوح نتانة كلما أردتم ضرب أواصر هذا المجتمع الجزائري و تقطيع الحبال المتينة التي تربطه و التي لن يقدر على تقطيعها أي بشر أيا كانت قوته أو مكره .. تحية تقدير و إجلال و إكبار لأهلنا في ورڤلة و في تامنراست و عين صالح و لكل من يقف فوق ذرات رمال الصحراء الذهبية في كل شبر من صحرائنا الواسعة .
الدكتور :هلال على صبري