كشفت الأحداث التي جرت بورقلة وسيدي بلعباس أن المسؤولين المحليين لا يملكون ثقافة اتصال للازمة وسرعان ما يتخذون مواقع غير مريحة على الإطلاق وهم يتفرجون على الغضب أو الاحتجاج دون أن يكون هناك أي تحرك له طابع المبادرة التي يصنعها المسؤول قبل أن يحضر له الجو والمناخ للتحرك وإيجاد حل لمشكل او انشغال يرتفع فيه صوت المواطن .
مهما كانت دواعي الاحتجاجات التي جرت بهاتين الولايتين فان البارز هو الفراغ القاتل الذي يتركه المسؤلون المحليون في خضم الاحتجاج لا يديرونه بثقافة اتصالية ولا رؤية مهنية بل إن البعض ينتظر فعلا تعليمات ليتحدث إلى الناس وهذا منطق غير سليم على الإطلاق ولا يمكن أن يحقق شيئا ملموسا على ارض الواقع .
المسؤول الذي يبقى في مكتبه والاحتجاج أمامه ولا يتحرك لا يمكن أن تنتظر منه الدولة ولا المجتمع شيئا بل إن السكون في حالات تسيير الأزمات لا يجدي نفعا ولا يمكن أن يكون لغة مفهومة للمحتجين الذين يحتاجون لمن يقنعهم أن الدولة تسمع وترى ولا يمكن أن تسمح بتجاوز المسافات المرسومة بين هيبة الدولة وحق المواطن .
على السلطات العمومية على المستوى المركزي ان تتجه من ألان وتبعا لما جرى إلى تكوين رؤساء بلديات ودوائر وحتى الولاة على اتصال الأزمة وان تمنح الفرصة للمسؤولين المحليين لأخذ زمام المبادرة والاجتهاد بدل التعامل مع أي احتجاج يقع بمنطق كلاسكي غير سليم يقوم على الترهيب فقط دون تجسيد رؤية اتصال مع الطرف الأخر يمتص من خلالها المسؤول غضب الناس ويقتنع الناس بان للدولة حل ومنع .
تكوين المسؤولين المحليين على ثقافة وممارسة اتصال الأزمة صار ضروريا بل حاجة ملحة تمليها ظروف التسيير المحلي المعقدة ولا تنتهي عند التعليمات الشفوية وإنما ترتكز على علم ودراية وخبرة فلم يعد تسيير شؤون الناس سهلا ولا متاحا للجميع .
بقلم محمد مرواني
باحث وإعلامي