شهاب براس _عادت عربات التليفريك لتحلّق مجددًا فوق المدينة في مشهد أعاد الحياة لسماء قسنطينة ، معلنة استئناف أحد أكثر مشاريع النقل حيوية بعد غياب دام ثمانية سنوات.
وسيلة النقل التي ربطت بين أعالي المدينة وأسفلها، لم تكن مجرد وسيلة عبور، بل رمزًا لهوية عمرانية، ونبضًا حضريًا انتظره السكان طويلاً وسط اختناقات مرورية وضغوط تنقل يومية.
توافد المئات إلى المحطات منذ الساعات الأولى من تشغيل هذا المكسب الحضري بعد استجابة السلطات لانتظارات المواطنين حيث أعادت السلطات المحلية تشغيل المصعد الهوائي لمدينة قسنطينة يوم الثلاثاء، بعد إتمام أشغال إعادة التأهيل التي استغرقت ثمانية سنوات كاملة، وشملت تحديثًا شاملًا على مستوى البنية التحتية، أنظمة السلامة، وجودة الخدمات.
وقد شهدت محطات التليفريك الثلاث، وهي الأمير عبد القادر، ساحة أول نوفمبر، والمستشفى الجامعي، إقبالاً واسعًا من المواطنين الذين اعتبروا هذا الحدث مكسبًا حضريًا يعيد الحيوية إلى المدينة، ويعزز من انسيابية حركة التنقل اليومية.
ووصف المواطنين هذه العودة بـ”الحل العملي لمعضلة التنقل”، قائلاً: “عودة التليفريك خففت عنّا مشقة الوصول إلى المستشفى الجامعي، خاصة وأن التعريفة تناسب الجميع (30 دج)، ما يجعله خيارًا اقتصاديًا بامتياز.”
وأوضحت مديرية النقل لولاية قسنطينة بدورها أن مشروع إعادة تأهيل التليفريك شمل تحديث أنظمة التحكم والسلامة، وترقية مرافق الاستقبال والخدمات، مع الالتزام الصارم بعمليات الصيانة الدورية والتدابير الوقائية، بما يضمن سلامة الركاب وراحة المستخدمين.
التليفريك يضم 48 عربة، بطاقة استيعاب تبلغ 10 ركاب لكل واحدة، وتنطلق عربة جديدة كل 20 ثانية، ما يسمح بنقل نحو 20 ألف شخص يوميًا، ويربط حي طاطاش بلقاسم بوسط المدينة بالمركز الاستشفائي الجامعي على مسافة 425 مترًا، ثم بمحطة الأمير عبد القادر على امتداد 1.100 متر، في مسار استراتيجي يخفف الضغط عن جسر سيدي مسيد الشهير.
إعادة تشغيل التليفريك لا تمثل مجرد إعادة بعث لوسيلة نقل، بل تعكس توجهاً استراتيجياً نحو حلول نقل حضرية ذكية ومستدامة، تتماشى مع الخصوصية الجغرافية لقسنطينة، وتعزز من جاذبيتها السياحية والحضرية.
وبين مشهد العربات التي تعبر سماء المدينة، وابتسامات الركاب من مختلف الفئات، تكتب قسنطينة فصلاً جديدًا في رحلتها مع النقل الحضري، عنوانه: “من أجل تنقل يليق بمدينة الجسور”.
بقلم رفيدةعبيدالشارف