عشية إستقالة الرئيس لمين زروال و الإعلان عن إنتخابات رئاسية مسبقة في خريف 1998م كنت من ضمن بعض النخب التي تمت دعوتها للإطلاع على الأسباب و المسببات ؟و تعمد الرئيس المضيف عدم دعوة الصحافة و سنعرف لماذا ؟ و اليكم ما قاله بالحرف الواحد :
ــ جئت في أوت 1994م , و لم تكن بعمقي نية أن أكون رئيس دولة …بل لتولي وزارة الدفاع ؟ و تطبيع الحياة السياسية , و فك النزاع بين طرفين متنازعين , و الزام طرف من هذين الطرفين بإصدار بيان يتضمن إحترام الدستور وقوانين الجمهورية و إدانة العنف ثم العودة الى نشاطهم السياسي السلمي …؟
ـــ وجئت حيث وجدت الدولة منهارة : المخزون الغدائي لا يكفي لأسبوع , ومنه تدخل البلاد في حرب أهلية …و سعيت مع الصندوق الدولي لإعادة جدولة ل 32مليار دولار ….و أصدرت قانون الرحمة الذي تمخض عنه نزول المسلحين من الجبال …و حاليا قطار الجزائر على السكة و من يأتي بعدي يكمل المسيرة …..؟.
و في النقاش : أحد المتدخلين أنتقد توجه الرئيس زروال بقولة : (أنتم تقومون بنقل الأكل للإرهابيين في الجبال ؟ ) و هنا الرئيس لم يتمالك أعصابه فنهض من كرسيه و توجه اليه بقوله ( أنت أناني و لا تريد الخير لهذه البلاد ؟ هؤلاء أعلنوا توبتهم و تبعا لقانون الرحمة و فضلوا العيش بين إخوانهم الجزائريين …و أتحداك … قم بتحرير بيان و قل فيه ما شئت عن مسعاي و سأمر التلفزيون بفتح لك المجال لقراءته بنفسك …) …؟
بعدها تدخلت بسؤالي : ما دامت الأمور تحسنت ..و إعاد الجدولة تجسدت …و إحتياط الصرف وصل ال حدود 15مليار دولار فلما الاستقالة سيادة الرئيس ؟ و حينها التفت الى رئيس ديوانه ( سعيد ) رحمه الله لمعرفة من أكون و الذي أخبره بأنني من جريد الخبر لأنه كان يعرفني ومنه رد علي بغضب ( أنا لا أعمل في دولة يصنع رأيها العام ثلاث جرائد ؟ فعلا هذه الجرائد الثلاث ومن ورائها كبرنات فرنسا و ( الديراس ) و الفيس المنحل كلهم و جميعا تكالبوا على مسعى الرئيس زروال و أسقطوه في النهاية….
وهنا لا بد من شرح وضعيتي أزاء جريدة الخبر : صحيح أنا من جريدة الخبر و أغلب المساهمين لا يعرفون دوري في الترويج لها و تطويرها و ربطها بفعاليات المجتمع ( نقابات و منظمات و أحزاب …الخ ) ما عدا (عمر ورتلان و عثمان سناجقي و محمد سلامي ) و أغلبهم من (مفتاح و خميس الخشنة و ذراع الميزان …) كانوا عمال موسميين في حقول لجني الزيتون و البطاطا و العنب و نافخ للعجلات … و لا يعرفون مكوينات المجتمع الجزائري و كل الفضل يرجع الي بخصوص التواصل مع كافة شرائح المجتمع و نخبه …
ففي بداية صدور جريدة الخبر (نوفمبر 1990م ) كانت تصدر مسائية و عدد السحب لا يتجاوز 7آلاف نسخة و أغلبه مرتجعات و يباع بالكيلوغرام و من يجمع هذه المرتجعات في حزم( شريف رزقي ) …و كادت الجريد ة تختفي لأنعدام التمويل ؟ و تجاوزا لهذه المحنة إقترحت على (عمر ورتلان ) التالي ( مادامت جريدة الخبر خطها وطني و إسلامي و مستمد من بيان أول توفمبر 1954م فلماذا لا تربطها بتيارها ) و رد علي بالحرف الواحد و بأمانة ( بيدك ) …
في هذا الحيز الزمني كنت قيادي في النقابة الوطنية للأستاذة و كانت هذه النقابة منتشر ة في 27ولاية و في إحدى الإجتماعات للمكتب الوطني عرضت عليهم الإقتراح التالي ( ما دامت ليست لنا وسيلة إعلامية لماذا لا نتخذ من جريدة الخبر منبرا لمنظمتنا النقابية فهي ملتزم بالخط الوطني ؟) و للتاريخ ولا عضو من المكتب الوطني عارض أو ناقش مقترحي و حينها التفت الي رئيس النقابة (محمد أيدار) قائلا ( و المطلوب ؟ ) و رديت عليه ( إصدار تعليمة الى كل المكاتب الولائية و الفروع النقابية في 27ولاية لإقتناء 5 نسخ على الأقل ) ومنه أرتفع السحب من 7الاف الى 120الف نسخة …ومقابل هذا النجاح قال الشهيد عمر ورتلان ( الخبر جريدة المعلمين )و لتنويع المصادر المالية أتصلت بالغرفة الوطنية للموثقين و المحضرين القضائيين و السيد (عبد القادر زوخ) الذي كان واليا في المسيلة حيث دعموا الجريدة بالاشهار بعد أن تأكدوا أنها تخدم الخط الوطني ….
وفي سبتمبر 1995م أتصل بي ( عمر ورتلان ) و أخبرني بأن الجريدة لم تعد مستقلة و أن صدقها و مصدقيتها تم الغدر بهما ومن المساهمين ؟ و رديت عليه ( يا عمر أنت من التزم و كل القراء يقتنون الجريدة من باب صدقيتها و استقلاليتها ) و عقب على كلامي: ( تعال لترى و تسمع بنفسك و تبرئة لذمتي أرجوك تحضر ) و بعد أن جمعهم في قاعة التحرير وهم على التوالي ( رابح خليفي و كمال جوزي و عثمان سناجقي و حكيم بلبطي أم شريف رزقي فكان في الرواق و قلق من حضوري ) و بعد أن فتح النقاش ولا واحد من المساهمين نطق بحرف الكل كان محرجا من حضوري ما عدا ( رابح خليفي ) الذي كان يبرر بيع خط الافتيتاحي للجريدة ( للديراس) و تحت إشراف وزير الداخلية ( حردي ) رحمه الله الذي أغتيل في الحراش ؟ و أختتم الإجتماع بجملتي التالية ( يا عمر الأنظمة تزول و يبقى الشعب فكن الى جانب الشعب ) و بقي ( عمر ورتلان) يناضل حيث صار بالجريدة خطان متوازيان لا يلتقيان ( الخبر و عمود بوجمعة ) أي الاستئصال و الخط الوطني ؟ …
و الذي حدث هو إغتيال الشهيد ( عمرورتلان ) و أنا خرجت يداي فوق رأسي ( مسحمي معكوف ) و باقي المساهمين صارت لهم ( فلات في سطوالي ) و( دار الضياف ) و ( القبة ) و ( العاشور ) و أرصدة مالية بالعملة المحلية و الصعبة و سيارت و مئات الهكتارات و نفوذ وووو ….و أعيد و أكرر ما جنيته طيلة 10 سنوات بهذه الجريد ة هو تهمة المجتمع المدني من التيار الوطني من الذين أتهموني بالغدر و الخيان لأن الجريدة صارت إستئصالية.
العودة الى جلسة الرئيس لمين زروال : و إذن رئيس ديوانه لم يكن يعلم بهذه الوقائع كما لم يكن يعلم بحضوري كمثقف ؟ و قد تطرقت الى ما تطرقت اليه لإزالة اللبس ؟ والدليل لما نقلت التغطية الى جريدة الخبر رفض رئيس التحرير نشرها و السبب لأن الجريدة كانت متخندقة مع الجرائد الثلاث ضده و ضد مسعاه و التابعة لكبرنات فرنسا …..
وما تجدر الإشارة اليه أن ما لم يتفطن له الرئيس لمين وهو تغير رئيس المخابرات كما و لم يتفطن الى الإعلام الآستئصالي ؟ عكس من إستخلفه الرئيس بوتفليقة ففي البدء حافظ على هامش المناورة بينه و بين ما يسمى بالجنرالات حيث أعد لهم ملفات و عقبه بمرسوم يمنع كل من ينتمي الى المؤسسة العسكرية الإدلاء بأي تصريح أو بعد تقاعده وألزم نفسه بهذا المرسوم و الدليل أنه طيلة 18سنة لم يخص ولا جريد بحوار أو تصريح ثم أحالهم على التقاعد فزال الرعب و الخوف من هذه الجرائد المدعومة بالإستئصال التي صارت مثل الصحف اليتيمة و عم السلم ….و حاليا المؤسسة العسكرية مؤمنة و بجيل الإستقلال ولا خوف على الجزائر ….
تابع