الإفلاس السياسي الحقيقي هو عندما لا تجد من الاختيارات وضمن كل الاختيارات بديلا، إلا ذاك الاختيار الذي أدى بك لنفس الأزمة ونفس الإفلاس ، الذي تدعي أو “تحاول” مدعياً أن تخرج منه، سكت ظهرا ونطقت كفرا تنصلت من حقيبتك الوزارية و وألبست لسانك رداء حزبك الذي لا يكاد يخلو من رداءة الأفعال والأقوال،نعتنا بالفوضوين واختزلت كل الذي حدث في ملف البطالة الذي تعمدت حكومتك عدم حلحلته، هل عجزت أن تضيف التنمية أم خجلت من أن ولاية اقتصادية هي القلب النابض لهذا البلد مازالت تعاني من مشاكل يفترض أنها فضت من زمان، أم أنك تحاول أن تثبت أن احتجاجات السلمية لسكان الجنوب والتي وصفتها زورا وبهتانا بالشغب هي سبب عدم إزدهار ولاياتهم هل بلغت بك الوقاحة حتى تقارن عين قزام المنكوبة المهجورة التي تنعدم لأبسط مقومات العيش البسيط ببلدية حسين داي، في وقت كان أشد المتشائمين ينتظر منك كلمة تنصف أهل الصحراء بعد ما طالتهم أيادي العنصرية والجهوية من طرف موظفي السلطة الرابعة لدى حكومتكم الموقرة…!؟ حقيقة كنا ننتظر منك كلمة في ما حدث بصفتك وزير أول لا غير وإذا بك كنت كالذئب الذي يتربص بالباكورة، أين كنت من موضوع درجة الحرارة في ورقلة والذي تحدثت عليه منظمات عالمية و ذاع في أكبر القنوات العالمية وصنفت الولاية ضمن أولى ثلاتة مناطق أشد حرا فحين عجزت وأنت هيئتك في إصدار بيان يبين حقيقة درجة الحرارة وتصنيف المنطقة منكوبة وفوق كل هذا تلاعبتم بالأرقام الحقيقية،حقيقة لقد استنتجت أن (مول الكيران )والكثير من المسؤولين على شاكلته حولوا كلمة الاستقرار إلى سنفونية لتنويم الجزائر، أو لإحراجهم كلموا عشقوا التغيير، وتاقوا إلى الإصلاح، أصبح الراغب في جزائر متهما ابتداء، فإذا رفع الصوت طلبا لوقف المهازل وكسر الآمال، وللسير نحو التطور والازدهار عُدّ مُشوِّشا وفوضويا ومهددا للاستقرار وربما متخابرا مع الأجانب (الذين يتخابر معهم بعضهم).
إنه ورب الكعبة لا يوجد من تهديد للبلد سوى هؤلاء الذين يكررون الفشل، وأولئك الذين بددوا خيرات البلد وبذّروها ونهبوها وهمشو الجنوب البقرة الحلوب ، وهم الآن يقولون أننا فوضويين وفي الكثير من المرات وصفونا بالعنصريين والحهويين والمتخلفين ووصل بهم الأمر إلى وصفنا بالشردمات،يا الله! كيف لا يفهم هؤلاء أن بمثل هذه التصرفات هي من تهدد الاستقرار. بربكم أيها الناس! من الذي أوصلنا إلى هذه الحالة؟ هل هناك من خرب عليهم ومنعهم من العمل؟ أليست لديهم السلطة المطلقة? ألا يملكون كامل الصلاحيات فلا منازع لهم؟ ألم تكن عندهم كل عناصر النجاح؟ وبين أيديهم كل عناصر القوة والنفوذ: المال، البنوك، المؤسسات الاقتصادية، رجال الأعمال، الجيش، البرلمان بغرفتيه، المجلس الدستوري، المجالس المنتخبة المحلية، الإعلام، الجمعيات، المنظمات، وفوق ذلك كله: شعب صابر! ما الذي جعلهم يلهبون الجبهة الاجتماعية، حقا وصدقا لا يوجد من يهدد استقرار البلد غيرهم. ويا ليتهم تعاملوا مع الشعب بما يجعله يستطيع الاتكال على نفسه، والاعتماد على العمل كقيمة حقيقية دائمة للتنمية وتحمُّل الصعاب في زمن العوز. لقد عملوا على تدجينه بتوزيع فتات الريع من خلال ما سُمي بشراء السلم الاجتماعي ضمن قاعدة “أحيني اليوم واقتلني غدا”…. ! فلا يسأل المواطن الصحراوي عن حجم الأموال التي انفقت مقارنة بما أخذ، ولا عن آثار هذه السياسات المخادعة على مستقبله ومستقبل أولاده ومستقبل الصحراء بصفة عامة .
وها هم اليوم حين جف الضرع، يلوحون بخطر ضرب الاستقرار ظنا منهم بأن سكان الجنوب قد رُوّضُ إلى الأبد بطريقة التعلم الشرطي البافلوفية، وبصدمات فترة التسعينيات، غير واعين بأن “الفعل الشرطي” قد يتغير بتغير “المثير” إذا قاربنا المسألة نفسيا، وأن “الناس قد يثورون ثورة ثانية بعد ثلاثين سنة” إذا قاربناها اجتماعيا على حد ما يقوله علماء النفس هناك وعلماء الاجتماع هنا. ففي الأولى قد يتحول الفقر والعوز والغلاء والتضخم والظلم والقهر إلى “مثير ” جديد ينتج سلوكا جديدا، وفي الثانية الجيل الذي سيتحرك لا علاقة له بفتنة “الفيس والجيش” وهو لا يشعر بأي مسؤولية تجاه ما مضى، بل قد يكفر بالجميع ويثور على الجميع فيدمر النظام السياسي ويدمر نفسه ويدمر بلده، إن استمر النظام السياسي في عدم السماح بظهور البدائل على مستوى القادة والمؤسسات بفعل التزوير والفساد والفشل المعمم والتهميش الممنهج في حق أرض الصحراء وأبنائها . وتبعا لهذا على أويحيى أن يفكر عن مقاربة أخرى غير مقاربة رئيس الجمهورية لضمان الاستقرار، عليه أن ينظر في جهة “المواطنة” وعلاقتها ب”الوطنية” وعلاقة ذلك بالاستقرار. عليه أن يفكر كيف يصل مواطن الجنوب والجزائري بصفة عامة إلى الشعور بكرامته كاملة، و أخذ حريته كاملة، واستيفاء حاجاته كاملة، وتمتعه بعدالة كاملة، فلا فرق في الامتيازات على أساس الجهة واللهجة والولاء الشخصي للمسؤول. وإن لم يكن أويحيى يعلم ما معنى هذا نقول له بأن ذلك اسمه “المواطنة”، مواطنة يحملها الإنسان أينما كان في بلده، في الشرق أو الغرب أو الشمال أو الجنوب، سواء كان عربيا أو قبائليا أو شاويا أو عربيا أو ترقيا أو شلحيا أو مزابيا، سواء كان من ورقلة أو تيزي وزو أو تلمسان أو من أي ولاية من ولايات الوطن. فإذا تحققت مواطنته الكاملة كان وطنيا كاملا، يتعلق ببلده وترابه ومائه وهوائه، ويصبح العلَم له معنى في شعوره والنشيد الوطني يكاد يكون مقدسا في وجدانه، مهما كانت حالته الاجتماعية. إن الوطنية كالإيمان والأخلاق أصلها غائر في الشخصية، ولكنها تضعف وتنمو حسب البيئة والظروف تماما كالإيمان والأخلاق، فلا تفتنوا أهل الصحراء يا سيادة الوزير ، و تحرمونهم من مواطنتهم ومن حقهم في العيش بكرامة … فتضعف فيهم وطنيتهم…. ذالك هو الإستقرار
بقلم عمر نعيمي مختار