تمر علينا اليوم 806 سنة على معركة حصن العقاب التي جرت وقائعها بالأندلس بين جيش الدولة الموحدية والجيش الإسباني في 16 جويلية 1212م ، ٱنذاك حشد الناصر مئات الٱلاف من الجنود وعبر بهم للأندلس وكلهم ثقة، كيف لا وهم في اعتداد بعددهم وعدتهم، غير أن وقائع المعركة كانت عكس ذلك تماما، فقد كان لهم نصيب من اسم مكان المعركة فمن حصن للعقاب إلى عقاب قاس فتّ في عضد الدولة وأفقدها خيرة جنودها وحطم كل أمل في الدولة حتى قيل أنه بعد العقاب لم يرى في الأندلس شاب صالح للقتال، وبين عقاب الأمس وعقوبات اليوم يتخبط العرب في دوامات الإنهزامية والسلبية وكأن طيف العقاب لازال يلقي بظلاله على نفوسنا، بالرغم من كثرة أعدادنا إلا أنه لافائدة ترجى من هذه الكثرة، تبعات العقاب حلت ولازالت تحل علينا في كل المجالات سياسة وإقتصاد وثقافة بل حتى الرياضة التي تعتبر ترفيه عن النفس لم تسلم من ذلك، لازلنا نعيش دوامة التخلف رغم كل إمكانياتنا المالية والبشرية والطبيعية، وبين هزيمة الأمس وهزيمة اليوم يقف المرء مشدوها مستفسرا عن الأسباب الثاوية وراء ذلك، فماذا ينقصنا؟ هل حاكم صالح أم أننا ابتعدنا عن الدين كما يقال؟ أم أننا أغفلنا بناء الإنسان؟ أم كنا ولازلنا لم ندرك بعد مغزى تأسيس الدول التي هي في الأساس عقد يضمن للرعية الأمن والرخاء، لكننا أسسنا الدول قديما وحديثا على القوة والغلبة لتستمر على نفس النهج وبالتالي فهي فاقدة للشرعية، أسئلة تطرح نفسها مع كل ذكرى هزيمة وكل صرخة معاناة تصدر من المواطن المسكين،يبدو أنه مكتوب علينا بالتحسر على ضياع المجد إذا مرت علينا ذكريات الإنتصارات وبالحزن أيضا إذا استذكرنا لحظات الإنهزامات فنبكي على استمرار اللعنة على الأحفاد بعدما أصابت الأجداد.
بقلم محمد ناصري