يبدو ان حكومة السيد إيمانويل ماكرون أصبحت في عين الإعصار وعلى رأسها ادوار فليب ،فبعد الهزة الأولى التي عرفتها الحكومة وتعرفها الآن إلى غاية كتابة هذه السطور من باريس بسب قضية المعاون الأمني السيد ألكسندر بن علا الفرنسي ذو الأصول المغربية،الذي حاول الإشراف على إدارة امن قصر الاليزيه،فبعد الهزة التي تعرضت لها حكومة ماكرون العام الفارط بين قائد أركانه الجنرال بيار دوفيلي الذي وقع في صدام بين ماكرون حول ميزانية الجيش و أدت استقالت قائد الأركان،وقبلها ماكرون مع تصريح هذا الأخير أنا القائد الأعلى للقوات المسلحة و من لم يعجبه حزب حركة الجمهورية إلى الأمام فما عليه إلا أن بخرج والباب مفتوح،الحزب ليس كباقي الأحزاب.
بعد الهزة تلتها هزة أخرى تمثلت في إجراء ”تميم” اكبر شركة لصناعة السفن في العالم في منطقة ”سان لازار” وهي شركة كبيرة ، إلا أن سياسة التأميم كانت من الطابوهات في الاقتصاد الحر الليبرالي والذي أثار سخط الساسة ورجال الاقتصاد هنا في فرنسا بعد خروج المتأمل الايطالي من رأس مال الشركة ،الهزة الثالثة التي كادت أن تسقط حكومة ادوار فليب وخاصة وزيرة الداخلية ”إليزابيت بوتي” هو مشروع قانون النقل بالسكك الحديدية الذي مرر على البرلمان وصوت عليه رغم دخول فرنسا في نفق مظلم بعد موجة من الاحتجاجات و الإضرابات التي شلت الحركة في فرنسا و تطلب تدخل الأمن،رغم خروج النقابي العنيد ”فليب مارتينيز” الذي كاد أن يسقط حكومة ”فالس” منذ خمس سنوات،و وصلت إلى سحب الثقة من الحكومة،إلا أن حكومة مانويل فالس في عهد فرانسوا هولند نجت بأعجوبة بفارق صوتين حول قانون العمل وقتها.
هذه الأيام في فرنسا ننام ونستيقظ على قضية ارتبطت بمطلب سحب الثقة من حكومة ادوار فليب وهي قضية كان بطلها عربي فرنسي من أصول مغربية والمدعو ألكسندر بنلا (لحسن بن علا) المولود في منطقة ايفرو المقاطعة 27 و الذي أوصل ماكرون إلى مشاكل حقيقية مع المعارضة،و تذمر بعض الفرنسيين وذالك من خلال استعمال هذا الأخير لأدوات ولواحق تابعة للشرطة من خوذة و وشارة توضع على الذراع مكتوب عليه شرطة،و هاتف لاسلكي واستعمال كل هذا في الاعتداء على امرأة كانت تتظاهر ضد ماكرون وساسة الإصلاحات، وكذالك اعتداء لحسن بن على شخص أخر في نفس اليوم أول ماي في باريس، التي شهدت مظاهرات عرنة شلت فرنسا بسبب الحزمة من مشاريع قوانين الإصلاح التي يقودها ماكرون.
لكن بعد فحص الفديو جيدا من طرف شرطة ، تم توقيق المعاون الأمني لماكرون ووضعه تحت التحقيق وهنا الآلة الإعلامية بدأت تقصف بالعيار الثقيل،مطالبة بتسليط أشد العقوبات و وإحالته إلى العدالة والتنديد بانتهاك حقوق التظاهر والإنسان ،وتبع هذا التجنيد الإعلامي تجنيد سياسي من المعارضة بشتى طوائفها من جمهوريين (حزب ساركوزي ) سابقا لورون واكيد حاليا اليسار الذي يقوده بنوا هامو (حزب فرنسوا هولند ) وحركة فرنسا الابية او الرافضة بزعامة جون لوك ملونشون المعرض الشرس لسياسة امانويل ماكرون صاحب المقولة الشهيرة (لقد صوتنا لماكرون لا لبرنامجه لأننا كنّا امام خيارين الاول اليمين المتطرف والثاني ماكرون لكن ماكرون اعتقد أننا صوتنا لبرنامجه) كما ان زعيمة الجبهة الوطنية اليمين المتطرف مارين لوبان، ركبة موجة المعارضة ووصفت ألكسندر بنلا بمحاولة السيطرة على تسيير امن الاليزي رغم سنه،واستفادته من التقرب من الرئيس الفرنسي و المحابات والتفضيل وحصوله على راتب 6000 اورو كراتب شهري، و شقة في باريس، وسيارة و بطاقة دخول البرلمان الفرنسيى،رغم انه ليس شرطى.
وقال بعض المحللين بأنه خرق لمبدأ أخلقة الحياة السياسة الفرنسية ( مقالى سابق لــ رأي اليوم) الذي أتى به إيمانويل ماكرون، ومرر بأغلبية مطلق في الجمعية الوطنية، ولم يتوقف الهجوم والهجوم المضاد بين ماكرون وبنلا من جهة والمعارضة من جهة أخرى، على اختلاف أطيافها إلى مجرد تراشق بالكلام و تصريحات بل تطور الأمر إلى تشكيل لجان برلمانية للتحقيق على مستوى الجمعية الفرنسية (البرلمان) للتحقيق في قضية ألكسندر بنلا( لحسن بن علا المغربي)ثم استجواب المسؤولين الكبار على مستوى الأمن والشرطة الباريسية و شرطة الاليزيه.
وبين المعارضة و نواب حكومة ماكرون قد كانت لممثلتنا في الجمعية الوطنية ”فيونا لزهر” و ”نعيمة موتوشوا” لكن المعارضة انسحبت من لجان التحقيق بعد اعتراف ماكرون انه هو المسؤول ، واعتبرها دعاية مغرضة و إسهال إعلامي وزوبعة في كاس، كما رد المتهم ”ألكسندر بنلا” انه راح ضحية للغيرة والحسد، كونه أول عربي يريد السيطرة على إدارة امن الاليزيه، وهذا أمر لم يرق لــ اللوبي الصهيوني الذي اتخذ موقف معادي خفي من شخصية وسياسة ماكرون، كما صرح صاحب الخامس والعشرين ربيعا أن هذا اللوبي يريد نزع فتيل(FUSE) كي تنطفئ سياسة ماكرون،ما زاد الطين بلة انسحاب لجان التحقيق في البرلمان المكونة من المعارضة بحضور كبار المسؤوليين الأمنيين لإيجاد حل الانسحاب جاء بعد تلفظ رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون بعبارة ( انا المسؤول عن قضية ألكسندر بنلا ) وهذا ما كانت تنتظره المعارضة بشغف.
مسؤولية رئيس الجمهورية والتى دفع بها الدعوة الى سحب الثقة من حكومة ادوار فليب وتفعيل المادة 49 من الدستور الفرنسى لعام 1958 هي سابقة من نوعها، لم تعرفها إلا في حكومة اليسار مانويل فالس، أيام قليلة وتحدد مصير حكومة ادوار فليب فهل ينجح ماكرون المتشبع بفكر الفيلسوف” بول ريكور” في إنقاذ حكومة ادوار فليب أم أن آلية سحب الثقة من الحكومة من طرف المعارضة إذا توفر النصاب القانوني، يسقط الحكومة و يجعل فرنسا أمام أزمة سياسية تأثر بالسلب على الأداء الداخلي و الاوروبي و العالمي لحكومة ادوار فليب وجمع سياسة ماكرون .
المختص في الشأن الأوروبي قويدر شيشي توفيق