شهاب برس_تابعت باهتمام ما يحدث هذه الأيام في معرض الكتاب الدولي وأبرز ما لفت الانتباه هو الكم الهائل من الزوار وخاصة الشباب، وكذلك الحشود التي كانت تنتظر مراسيم البيع بالتوقيع لرواية “الخوف” التى بها ثلاثة أجزاء للروائي السعودي “أسامة مسلم” الذي اشتهر بكتابة الرواية الخاصة بالفنتازيا والفنتازيا التاريخية معتمدا على السرد الخيالي والنهايات الغير المتوقعة، مرفقا كتاباته بفواصل الرعب ومن أشهر روايته “بساتين عربستان” الذي يقول صاحبها في تصريحات سابقة أنه لا يعلم لها مثيل في حدود علمه كما قال.
لنترك صاحب رواية “خوف” ونتحول لردود فعل إلغاء مراسيم البيع بالتوقيع خشية خروج الأمور عن السيطرة، وحالات الإغماء التدافع الذين كان سببا مهما في اتخاذ هذا القرار، ما يسمى بالطبقة المثقفة في الجزائر، والتي مازالت تعيش في أبراجها العاجية، ودهاليز الإرث الموروث عن الأدب القديم، والأساليب الكلاسيكية لم تتحمل المشهد، وراحت تتخبط وتخبط يمينا ويسارا بتهم تحليلات خارج السياق الزمني، وبعيدا عن التجرد ومحاولة معرفة الأسباب الحقيقة لبزوغ نجم الروائي السعودي وافول نجوم ما يسمى بالنخب المثقفة في الجزائر.
صورة بائسة رسمها هؤلاء المنتسبون لميدان الرواية والثقافة في الجزائر، فبلا حياء هناك من اتهم الكاتب السعودي الإستعانة بالجن والسحر لكي يلتف حوله الشباب، في الحقيقة هذا الأمر مدعاة للسخرية، لكن منصات الإعلام تلقفته وروجت له، فيما راحت أطراف أخرى للقول أن روايات أسامة مسلم خطر على الأمن القومي، بينما فضل آخرون ممارسة الوصاية على الشباب الذي كان ينتظر بشغف الحصول على روايته المفضلة ومن كاتبه المفضل بأنه مراهق، وأنه لا يعي مايفعل، ويجب حماية شباب الأمة من هذا الخطر الداهم، فهل أخافت رواية خوف عُراة الرواية في الجزائر.
قرأت هذا التساؤل في منشور فايسبوكي وأدعم صاحب هذا القول بشدة، حيث كتب: “لماذا كل هاته السخرية من الكاتب السعودي و قارئيه ؟!.. هل لأن الرواية خيالية ؟!.
كل الروايات الخيالية ناجحة والدليل رواية “شفرة دافنشي” وسلسلة “هاري پوتر” رغم أنها مليئة بالخرطي، ولكن أرقام مبيعاتها فاقت 100 مليون … على سبيل المثال هناك كاتب من مصر وهو الراحل خالد أحمد توفيق صاحب سلسلة “ما وراء الطبيعة رحمه الله كان حقق نجاح باهرا وكان حافزا للشباب للعودة للقراءة
في الأخير .. هل لأن الكاتب من السعودية ؟! ..ماذا لو كان الكاتب فرنسي الجنسية مثلا ؟!” انتهى المنشور.
في الحقيقة أن المنتسبون لعالم الرواية والثقافة في الجزائر أغلبها مزال يعيش ويتواصل عبر منصة الفايسبوك، التي أحجمت عليها الطاقات الشبانية في العالم، مفضلة منصة انستغرام وتيكتوك، والتويتر بدرجة أقل، الفايسبوك له عشرين سنة منذ أن ظهر أول مرة، فالشاب الذي استعمله في 2010 اليوم دخل مرحلة الكهولة، وهنا يكمن الفرق بين الكاتب السعودي وأصحاب الأبراج العالية في الجزائر، فهو حدد جمهوره، وحدد وسائل الاتصال به، وحدد نوع الكتابة التي ستفرده عن غيره، بينما لازال أغلب مثقفينا يعتقدون أنهم إذا نزلوا في مباشرة على منصة فايسبوك (العجوزة) فقد عملوا خطوة كبيرة في فن الاتصال والتواصل مع من يزعمون أنهم محبيهم أو قرائهم، لكن ما شهده معرض الكتاب الدولي لهذه السنة، كان صدمة كبيرة لصناع المثقف المنفوخ فيه أصلا.
اتهام شريحة واسعة من الشباب الذي تغنى به الجميع، وبزنس بإسمه كثير من رواد الفن والثقافة في الجزائر، بأنه مراهق، وحاول إلصاق تهمة التيهان به، هو عمل غير سوى ويشبه إلى حد كبير التخبط بعد الذبح، كان من الأجدر والأحق أن يحاول دعاة الرواية والثقافة في الجزائر عن الأسباب الحقيقة وراء هذا النجاح للكاتب السعودي، الذي يمتلك في جعبته 32 رواية، وتعتبر أشهرها: خوف والتي يجري العمل على تحويلها لمسلسل تلفزيوني سعودي مستوحى من الرواية، وسلسلة “بساتين عربستان”بست أجزاء، وسلسلة “لج ملحمة البحور السبعة” بخمس أجزاء، وسلسلة القصص القصيرة “صخب الخسيف” بثلاث أجزاء ، وجزء واحد من رواية “الدوائر الخمس” التابعة لسلسلة “بساتين عربتسان، ورواية “وهج البنفسج” بجزأين، ورواية مشتركة«مخطوطات مدفونة» بجزء واحد، ورواية ” هذا ما حدث معي” بجزء واحد، وخماسية مكونة من خمس كتب ويمكن قرائتهم بأي ترتيب”أجيج” “أرض القرابين” “جحيم العابرين” “شبكة العنكبوت” “سعد الدباس” وروايات “الغيهب” “النداء” ” الوليمة” “الانتهازي” “ليلة ماطرة… الخ.
هذه الغزارة من الإنتاج كما ونوعا لم تكن صدفة، بل هي نتيجة للعمل الجدي المتواصل، والإدراك في تحديد الهدف الصح، والطريقة الصح والمنصة الصح، و الشريحة الصح، معلومة أخرى يجب الوقوف عندها، طوابير الشباب و التدافع على روايات أسامة مسلم لم تحدث أول مرة في الجزائر، بل حدثت في المغرب والكويت ومصر، لذلك محاولة التقليل من نجاح الآخرين على أرضنا هو هروب إلى الأمام، والتنصل من الواجبات الثقافية للمثقفين نحو جمهور الثقافة في الجزائر.
بقلم: فاتح بن حمو