شهاب برس- يشهد المغرب منذ سبتمبر 2023 إنتشارا غير مسبوق لمرض الحصبة أو ما يطلق عليه بـ “بوحمرون”، حيث سجل عدد رهيب في الإصابات والوفيات بالمرض.
وحسب ما أفادت به تقارير إعلامية، فقد سجل المغرب إلى غاية شهر جانفي 2025 حوالي 25 ألف إصابة مؤكدة و120 حالة وفاة بالمرض معظمها طالت الأطفال الرضع الذين لم يبلغوا التسعة أشهر، والأطفال دون سن 12 عاما.
وإلى حتى شهر فيفري الجاري، أي بعد حوالي عام ونصف من إنتشار المرض الذي تحول إلى وباء وذلك بإقرار من مدير مديرية علم الأوبئة بوزارة الصحة المغربية، محمد اليوبي، خلال تصريحاته لوسائل إعلام محلية، قرر المغرب أخيرا في محاولة يائسة منه لإحواء الأزمة الإلتفات إلى شعبه وتنفيذ خطة لتطويق انتشار الوباء في المدارس نظرا لأنه يصيب الأطفال بنسبة كبيرة.
وتمثلت الخطة في إطلاق حملة تلقيح واسعة في المدارس ومنع الاكتظاظ بمرافقها واستبعاد التلاميذ الذين رفض ذويهم تلقيحهم، وغلق المدارس التي إنتشر فيها الوباء بكثرة، واعتماد التعليم عن بعد.
ورغم الإجراءات المتخذة، إلا أنها لم تكن كافية للحد من تفشي المرض ومواجهته، حيث أصبح يهدد صحة المواطنين، خاصة الأطفال والفئات الهشة، وهو ما أثار تساؤلات كثيرة عن أسباب ارتفاع حالات الإصابة وسرعة إنتشار الوباء بين الفئات الأكثر هشاشة.
النقص الحاد في الكوادر الطبية والتجهيزات
وفي ظل الأزمة الصحية الكارثية التي يواجهها الشعب المغربي، وجهت فاطمة التامني، النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي المعارض، سؤالا كتابيا إلى وزير الصحة، نبهت فيه من التدهور الحاد الذي يشهده القطاع الصحي مع الانتشار السريع لداء الحصبة (بوحمرون).
وأشارت التامني إلى النقص الحاد في الكوادر الطبية والتجهيزات، معتبرة أن الوضع مرشح لمزيد من التفاقم، خاصة مع استمرار الإضرابات والاحتجاجات التي تنظمها النقابات الصحية منذ أسابيع.
وفي السياق ذاته، حذرت النائبة عن حزب الأصالة والمعاصرة، نجوى ككوس، من تزايد الإصابات بالحصبة داخل المؤسسات السجنية، حيث بلغ عدد المصابين 83 سجينًا منذ ديسمبر 2024.
انخفاض معدلات التلقيح
وفي تصريحه لموقع “الحرة”، أرجع الطبيب الأخصائي في طب الأطفال، سعيد عفيف، تفشي الحصبة في المغرب إلى انخفاض معدلات التلقيح، التي تراجعت في بعض المناطق إلى 60٪ بدلًا من 95٪ المطلوبة لمنع انتشار العدوى.
وأوضح أن المرض شديد العدوى، إذ يمكن للمصاب أن ينقل الفيروس إلى 12 إلى 18 شخصًا، مؤكدًا أن لا علاج محدد له، بل يقتصر التدخل الطبي على تخفيف الأعراض.
عدم التعامل بجدية مع الوباء
ومن جهته، أكد علي لطفي، رئيس “الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة”، في تصريحات لموقع “الحرة”، أن السلطات المغربية لم تتعامل بجدية مع الأزمة الصحية وتهاونت رغم تحذيرات منظمة الصحة العالمية، معتبرًا أن غياب التدابير الاستباقية أدى إلى تفاقم انتشار الحصبة وتسجيل وفيات وإصابات واسعة، خاصة بين الأطفال غير الملقحين.
وبذلك باتت أزمة الحصبة وإنتشارها بشكل رهيب تعكس مدى هشاشة المنظومة الصحية لدى الجارة الغربية التي لطالما كانت تروج على أنها “الأفضل في إفريقيا”، وفشلها في إحتواء الأزمة، رغم محاولات التغطية على الواقع المزري للقطاع.
ففي ظل غياب التخطيط الاستباقي وضعف التجهيزات ونقص الكوادر الطبية، يستمر المرض في حصد مزيد من الضحايا، خاصة بين الفئات الأكثر هشاشة.