أثناء مطالعتي لكتاب “العادات السبع للناس الأكثر فاعلية” لخبير التنمية البشرية الأمريكي ستيفن كوفي، لفت إنتباهي إشارته لنظرية في علم النفس متعلقة بتنبؤاتنا حول الأشخاص وإنطباعاتنا عنهم، وهي من الأهمية بمكان لتدرس وتطبق في مدارسنا على النشئ وحتى في مؤسسات العمل وكل مكان يؤدي فيه الإنسان وظيفة، هذه النظرية يصطلح عليها بتأثير بجماليون (Pygmalion effect) ،ومفادها أن الإنسان يتأثر بالإنطباعات والآراء التي تقال عنه ويعمل ذهنه على تحقيق تلك الإنطباعات، سواء كانت إيجابية أم سلبية، فمثلا إذا قال المعلم لأحد تلامذته أنت تلميذ مجتهد، فإنه يعمل تلقائيا وفق هذا الإنطباع ويرتفع مستواه، وعلى العكس من ذلك إذا كان الإنطباع سلبيا فسيتراجع مستوى التلميذ ولو كانت قدراته جيدة، من هنا ندرك أن تطوير التعليم لا يقتصر على تلقين البرامج الدراسية بشكل جاف، بل مرهون بما يكتسبه المعلم من خبرة في مجالات التنمية البشرية وحرصه على مراعاة نفسيات التلاميذ بوزنه كل كلمة يقولها لهم لأنهم سيتأثرون بذلك إيجابا أم سلبا.
النظرية من اكتشاف العالمان روزنتال وجاكوبسون، حيث استوحيا اسم المصطلح من مسرحية جورج برنارد شو الذي استوحاها من أسطورة النحات اليوناني بجماليون، هذا الأخير الذي نحت جسد امرأة ووقع في حبه وهو الذي كان يكره النساء.
قام هذان العالمان بتجربة سنة 1868، حيث أجروا اختبار على تلاميذ مدرسة إبتدائية، حيث تم اختيار مجموعة من التلاميذ بصفة عشوائية وأحضروهم في قسم وأخبروهم أنهم على قدر كبير من الإجتهاد والذكاء، ثم أعادوهم للقسم وأحضروا أساتذتهم وأخبروهم أن هؤلاء التلاميذ متوقع منهم أنهم سيحرزون نتائج باهرة في السنة الدراسية، وطلبوا منهم ألا يخبروا التلاميذ، سواء هؤلاء أم بقية تلاميذ القسم، وكانت نتائج هذه التجربة مبهرة، فقد أجريت لتلاميذ القسم اختبارات ذكاء، حقق فيها هؤلاء التلاميذ المتوقع نجاحهم نتائج أعلى من زملائهم الٱخرين.
خلاصة القول أننا بحاجة ماسة لهذه النظريات النفسية والتربوية لتطبق في مدارسنا حتى نضمن تعليم راقي لأبنائنا، لأنه لايوجد ضعيف وذكي، فالعقل أعدل قسمة بين الناس كما يقول ديكارت، فقط التصرفات والإنطباعات هي التي تحدد توجه الإنسان في طريق الإجتهاد أوالكسل، فهل المعلم الجزائري يطبق هذا مع تلاميذه؟ أم أنه لايعلم شيئا عن نظريات علم التربية وعلم النفس؟ أم أنه مؤمن بأن دوره هو إنهاء البرنامج؟
بقلم محمد ناصري