شهاب برس- يحظى الشعب المغربي بأهمية خاصة لدى شعوب الوطن العربي، كما تحظى فلسطين والدول العربية بمكانة خاصة لديه و هو الذي ما زال مستمر بدفاعه عن كل القضايا العربية وفي مقدمتها قضية فلسطين، وذلك على الرغم من تطبيع المخزن لعلاقاتها مع “إسرائيل” منذ العام 2020 بحكم تبعيتها للغرب ورضوخها للضغوط السياسية التي تمارسها الدول الغربية عليه، وفي مقدمتها فرنسا لصالح “إسرائيل”.
حيث تشير استطلاعات الرأي والإحصائيات إلى أن العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل تثير استياء واسع النطاق في المجتمع المغربي الذي يرفضها بغالبيته.
المخزن يستجيب لباريس ويعزز علاقاته مع تل أبيب
بحسب المحلل السياسي سعدون حمدان، فإن العلاقات المغربية الإسرائيلية تعود لما قبل 2020 على الرغم من المعارضة الشديدة لها بالشارع المغربي.
حيث ذكّر حمدان بالمظاهرات التي خرج بها عشرات الآلاف من المغاربة في الرباط، في أكتوبر الماضي احتجاجا على تطبيع المملكة للعلاقات مع إسرائيل منذ أربع سنوات، وذلك قبل يوم واحد من الذكرى الأولى لأحداث السابع من أكتوبر.
وأشار حمدان بأن المتظاهرون حينها رفعوا الأعلام الفلسطينية ولافتات تندد بمشاركة البلاد في اتفاقيات التطبيع الإبراهيمية، مرددين شعارات “المقاومة لا تموت” و”الشعب يريد إنهاء التطبيع”. ولوحوا أيضًا بالأعلام اللبنانية ورفعوا صور زعيم حزب الله حسن نصر الله الذي استشهد بغارة إسرائيلية على جنوب بيروت في 27 سبتمبر الماضي.
وأكد حمدان بأن توقيع اتفاقية التطبيع الابراهيمية الشهيرة تم برعاية وضغوط فرنسية على القيادة السياسية في المغرب.
حيث اعترفت فرنسا بالسيادة المغربية المزعومة، على الصحراء الغربية بعد تطبيع المملكة للعلاقات مع إسرائيل في عام 2020 واعتراف إسرائيل بضم الصحراء الغربية في عام 2023 وهو الاعتراف الذي يندرج تحت مسمى من لا يملك يعطي لمن لا يستحق.
وفي 28 أكتوبر، عندما زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الرباط، أكد اعتراف فرنسا بالسيادة المغربية المزعومة على الصحراء الغربية.
وتم استقبال ماكرون بأبهة وفخامة في العاصمة المغربية، ووعد بأن تستثمر فرنسا في منطقة غرب أفريقيا.
وبعد أيام قليلة من زيارة ماكرون، أكد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، في مقابلة مع صحيفة لوبوان الفرنسية، لأول مرة بداية الصراع في غزة التزام المغرب باتفاق تطبيع العلاقات مع إسرائيل رغم الاحتجاجات الكبيرة للجماهير المغربية، مما يشير لدور فرنسي واضح بدعم الكيان الصهيوني.
وبحسب بعض الخبراء والمحللين، فإن كل ذلك هو بسبب ضغوط فرنسية لصالح إسرائيل ومقابل استمرار تطبيع المغرب لعلاقته معها. فهذه ليست المرة الأولى التي تتصرف فيها فرنسا كمدافع عن مصالح إسرائيل في الشرق الأوسط وأوروبا وشمال أفريقيا.
دعم فرنسي غير محدود.. باريس تستخدم نفوذها بشمال أفريقيا للصالح الإسرائيلي
في سياق متصل، نقلت بعض وسائل الإعلام بأن فرنسا قبيل المباراة التي جمعتها مع إسرائيل على أرضها ضمن مباريات دوري الأمم الأوروبية في نوفمبر الجاري، عززت بشكل كبير الإجراءات الأمنية لضمان حماية المشجعين الإسرائيليين في أعقاب أحداث أمستردام في 7 نوفمبر الجاري، عندما وقعت توترات فجرتها هتافات عنصرية ونابية أطلقها مشجعو الفريق الإسرائيلي ضد فلسطين ومغاربة عرب هناك بعد المباراة بين فريقي أياكس الهولندي ومكابي الإسرائيلي، والتي تسببت بحدوث أعمال فوضى وتخريب واعتداء على العلم الفلسطيني، واستفزاز سائقي السيارات العرب، بالإضافة لتباهي جماهير نادي الكيان المحتل بقتل الأطفال في غزة عبر فيديوهات على منصات التواصل، مرددين عبارة: “لا توجد مدرسة في غزة لأنه لم يعد هناك أطفال”، مما تسبب بحدوث أعمال شغب.
لذا وبحسب وسائل الإعلام نشرت باريس أكثر من 4 آلاف شرطي وضابط في العاصمة ومحيط الملعب قبيل المباراة على الرغم من أنه في المعتاد يتم نشر 1200 فقط، وقال بعض المسؤولون إنه تم تكثيف الإجراءات الأمنية بشكل كبير قبيل المباراة في ستاد فرنسا وشبكات النقل العام.
ليس ذلك فحسب، بل حضر المباراة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون شخصياً ورئيس الوزراء ميشيل بارنييه لدعم إسرائيل والمشجعين الإسرائيليين وكـ “رسالة أخوة وتضامن بعد أحداث أمستردام”. وفق البيان الذي نشره المكتب الصحفي للرئيس الفرنسي.
دون أن يتطرق ولو بكلمة لكل أنواع الأذى الجسدي والمعنوي الذي تسبب فيه مشجعو كرة القدم الإسرائيليون للعرب والفلسطينيين.
كما عبر الشارع الفرنسي بصوت المواطنيين الفرنسيين من أصل عربي عن استيائهم من دعم ماكرون الكامل لإسرائيل رغم كل المجازر وحرب الإبادة الجماعية التي تمارسها ضد الشعب الفلسطيني واللبناني وكل من يعاديها، مؤكدين بأن لعبة ماكرون أصبحت مكشوفة، وما يحدث الأن في فرنسا وكل الأخبار حولها هي فقط لإلهاء العالم عن حرب الإبادة في غزة، والمجازر السابقة”.
وبحسب التقديرات فمن بين 80 ألف مقعد متاحة في ستاد فرنسا، تم بيع 20 ألف تذكرة فقط، وذلك بسبب دعوات الفرنسيين من أصل مغربي وجزائري ولبناني وفلسطيني ومن كل الدول العربية والعالم لمقاطعة المباراة، وهو أدنى معدل إقبال منذ افتتاح الملعب.
الموقف المغربي من دعم باريس لتل أبيب
وفي السياق ذاته، نقلت بعض وسائل الإعلام معلومات حول محادثة هاتفية جرت بين سفير فرنسا لدى دول البنلوكس (بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ) فرانسوا العربون وسفير المغرب لدى البنلوكس محمد البصري في 8 نوفمبر الجاري، ناقش خلالها الطرفان مسألة الاشتباكات التي حصلت بين مغاربة وإسرائيليين في أمستردام ليلة 7-8 نوفمبر.
وأعرب العربون عن قلقه إزاء الحادث، ودعا البصري إلى إطلاق حملة توعية بين الجالية المغربية لمنع حدوث مواقف مماثلة في المستقبل.
وبحسب الخبير السياسي محمد عدنان صفيّة، فإن تأكيد المسؤولين المغاربة دائما على التزام المغرب باتفاق تطبيع العلاقات مع إسرائيل رغم كل الجرائم التي ترتكبها بحق الشعوب العربية وحرب الإبادة الجماعية، والاحتجاجات الجماهيرية في المجتمع المغربي ضدها، يأتي بسياق الضغوط التي تمارسها باريس على قيادة المغرب مستغلة نفوذها هناك وفي دول أخرى لصالح إسرائيل.