عرفت الساحة السياسية هذه المرة نشاطا في عز الصيف، في غير موعده الذي كان يصادف عادة توقيت الدخول الاجتماعي حيث نفضت كثيرا من الأحزاب وخاصة ذات الشخص الواحد و ذات المسؤولية المحدودة ،المحتواة في حقيبة دبلوماسية ممثلة في وُريقات زائد ختم يحمل إسم الحزب و رئيسه ،الغبار على نفسها لأن موعد هام قادم إنه موعد الانتخابات الرئاسية الذي يتجدد و معه يدور الحول الخماسي على المال العام البالغ النصاب آليا الناتج من خيرات البقرة الحلوب شركة سوناطراك ،و من خلال الادخار الذي اعتمدته الحكومة بفرض سياسة التقشف على الشعب و معه تكبر المطامع في توزيع المغانم بين الأحزاب الطفيلية و الشخصيات الكرتونية التي تقف في خندق النظام الداعم لعهدة خامسة لرئيس الجمهورية الحالي السيد عبد العزيز بوتفليقة .
بدعمه عن طريق خطاب سياساوي شعبوي مكرر مله المواطن أو دخول غمار المنافسة في لعبة الرئاسيات كأرانب لتسخين السباق بهدف تكسير الرقم القياسي لنسبة المقاطعة المسجل في الإنتخابات البرلمانية الماضية و لإضفاء شرعية و لو نسبية على الإنتخابات المقبلة خاصة و أن المجاهد الكبير لمح لغياب الرئيس بقوله أنه لا يحتاج لحملة إنتخابية في رئاسيات ربيع 2019 رئيس كان شبه غائب طيلة عهدة كاملة لا يظهر إلا للحظات تفرضها ضرورات دستورية وقانونية ملزمة ،تحتم عليه نشاطات محدودة جدا تدخل في صلب مهامه مما جعله موظفا عند الشعب بالحد الأدنى لا يقوى على مسايرة متطلبات المرحلة التي تعيشها الجزائر و الأزمات التي يتخبط فيها المجتمع التي تنذر بعواقب و خيمة على مستقبل الوطن من مظاهرها كثرة الفساد الذي عم البلاد، فأصبح يمشي كاسيا أمام أجهزة الدولة القضائية و الأمنية التي لا تطبق القانون إلا بأوامر فوقية ،عاريا أمام أنظار الشعب الذي يتفرج على خيراته تنهب أمام أعينه و لا يستطيع تحريك ساكن.
في الدول المتقدمة يسمع الرأي العام سجن المسؤول ثم يبدأ الإعلام في تتبع تسريبات القضية ،لكن في بلد العزة و الكرامة يسمع العالم كله بالقضية ثم تبدأ الجهات المختصة قانونا في ستر المفضوح و تمييع الفضيحة و إخراجها على أنها عثرة بسيطة يمكن معالجتها بنصيحة ليتم أرشفتها في سجلات سوء التسيير دوران عجلة الفساد سيتسارع و سيتمدد عموديا و أفقيا في كل قطاعات الدولة و في أعلى هرم السلطة ليصبح المتحكم الرقم واحد في الخيارات السياسية للدولة خاصة بعد أن ثبت أركانه في العقد الماضي ليمر للسرعة الخامسة و سيمد أرجله خلال العهدة القادمة ،فمنطقيا في السنوات المقبلة و مع تقدم العمر سيكون بوتفليقة عبد العزيز غائب كليا عن دواليب تسيير الشأن العام، و هنا تكمن خطورة الموقف، فبعد أن كانت العهدة الرابعة سجل تجاري يتأبطه الفاسدين بإسم الرئيس ،ستكون العهدة الخامسة شيك على بياض يحمله و يتداوله المفسدين بلاحسيب و لا رقيب ينذر بإنهيار كلي لمعالم الدولة الجزائرية، فخطير جدا حال بلد يحكمه علي بابا و اربعون لصا، لكن الأخطر منه أن يحكمه مستقبلا اربعون لصا في غياب علي بابا .
بقلم سمير بن عبد الله
المقالات المنشورة في هذا الركن لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.