عندما تتعالى الزغاريد معلنة فرحة النجاح بالبكالوريا التي رغم التغبرط و سيناريوهات الغش بالجيل الثالث ،لم تفقد بريقها ولازالت العائلة الجزائرية تربط مصير و مستقبل فلذات اكبادها بهذه الشهادة التي تبقى حسبهم قاب قوسين او ادنى مفتاح لآفاق وظيفة محترمة و مستقبل واعد… رغم انني احترم هذه الشهادة و تستحضرني ذكريات فرحتي بالنجاح في تسعينات القرن الماضي بالزغاريد العاصمية للوالدة و ابتسامة الفخر التي رسمها ابي رحمه الله، الا انني و بعد التخرج اصطدمت بواقع مرير طاردني خلاله شبح البطالة لسنوات طوال ارهقتني البيروقراطية خلالها ،في حين كانت زميلاتي اللواتي بكين دما بدل الدموع لعدم تحصلهن على شهادة البكالوريا قد حظين بمناصب عمل و بدورات تكوينية من المؤسسات التي توظفن بها تمكن من الترقية بينما كان الالاف من الجامعيين يبيعون السجائر على قارعة الطرقات ،فيما تمكث الفتيات بالبيوت لتنهك كاهلهن اشغال البيت دون حتى مصروف الجيب.
كثير منا حينها طرح السؤال “هل البكالوريا ضيعتنا ؟ اكان الاجدر بنا ان نبحث عن وظيفة بدل الدراسة في الجامعة والتخرج بشهادة لا تغني و لا تسمن من جوع ؟ كنا حينها نفكر بالتخصص الذي يستجيب لميولاتنا ،فمنا من كان يحب الشعر و الادب ، و منا من عشق الصحافة ،و منا من كان متفوقا في اللغات ،كنا ندرس التخصص الذي يضمن عطاءنا في المستقبل ،لم نحمل هم التوظف في مناصب هامة الا انني و بعد عقدين من الزمن التمست ذكاء شباب اليوم الذين يبدو انهم اخذوا العبرة من جيلنا و ممن سبقونا فتجدهم يتسابقون على التخصصات التي تحتاج الى كتلة معتبرة من الموظفين مستقبلا، و تفتح لهم الافاق في مناصب عمل تناسبهم شعارهم “الوظيفة و ثم الوظيفة “،و حتى الاولياء صاروا يحثون ابناءهم على اختيار هذه التخصصات على غرار مدارس الاساتذة ،المحاسبة ،التسيير واللغات الاجنبية اضافة الى تخصصات الاعلام الالي الذي بات مطلوبا جدا في سوق الشغل . مع انني ارجح خيار الطلبة و اولياءهم هروبا من “فوبيا البطالة”،الا انني اؤكد بان الطالب الذي لا يدرس التخصص الذي يحبذه لن يضمن عطاء و نجاحا و ابداعا له و لن يضيف شيئا لرصيده و لا لرصيد المجتمع ،بل يمكن ان نطلق عليه مستقبلا حين توظفه “بالخبزيست” وهوالواقع الذي فرض على الجميع في منظومة شاملة لم تحض بالتخطيط اللازم …
حياة بن طيبة