شهاب برس : كشف موقع “ذا غراي زون” الأمريكي عن وثائق مسرّبة في تقرير اعلامي كشف من خلاله أن وكالة “رويترز” عملت كقناة لوزارة الخارجية البريطانية لتمويل منفذ إعلامي مصري بشكل سري ساهم في الإطاحة بأول زعيم منتخب ديمقراطيًا في البلاد، الرئيس محمد مرسي.
وقال الموقع، في تقريره ، إن أول زعيم منتخب ديمقراطيًا أطيح به وقُتِل أنصاره بالمئات ليتوفى في النهاية في السجن.
في العقد الذي أعقب الانقلاب، سحقت حكومة السيسي بشكل منهجي المعارضة بحظر الأحزاب السياسية ووسائل الإعلام الناقدة بشكل جماعي، مع تعرض النشطاء والصحفيين والجهات الفاعلة في المجتمع المدني للهرسلة والتعذيب والسجن، لتتحول السجون إلى بؤر للعنف الجنسي المنهجي وغيره من الانتهاكات المروعة.
في أعقاب الثورة المصريّة في فبراير 2011، سادت الفوضى في كل مكان. طُرحت تساؤلات حول المسار الذي يجب أن تسلكه الدولة، وما إذا كانت ستجرى انتخابات حرة في النهاية، ومتى ستعقد ومن سينتخب الشعب للمضي قدمًا. ولكن الإجابة لم تكن واضحة على الإطلاق.
وأشار الموقع إلى أن مكتب “رويترز” في القاهرة قدّم “كشوف المرتبات والموارد البشرية والدعم الأمني” لموقع “أصوات مصريّة”، وقد تمركز المنفذ الإعلامي هناك طوال مدة نشاطه.
ويشير ملف تعريف على الإنترنت تم حذفه منذ ذلك الحين إلى تدريب 300 مصري من خلال المشروع، وهو جيش حقيقي من الصحفيين يُنتج أكثر من 300 قصة كل أسبوع باللغتين الإنجليزية والعربية يُعاد تداولها من قبل أكثر من 50 منفذًا إعلاميًا في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك وكالة “رويترز”.
على الرغم من تحرّك مرسي لإجراء انتخابات برلمانية جديدة واستفتاء على الدستور الجديد، إلا أن التغطية السلبية للإعلان وقلة التظاهرات أقنعت السياسيين المعارضين بالبدء في عقد اجتماعات سرية مع قادة الجيش ومناقشة سبل عزل الرئيس، وذلك حسب ما ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال”.
https://www.dev-x90t21y5g15a.shihabpresse.dz/?p=26937
بحلول 30 جوان، امتلأت شوارع القاهرة وغيرها من المدن المصرية الكبرى بالمتظاهرين في حين رفض مرسي الاستقالة. قالت مصادر عسكرية لوكالة “رويترز” إن حوالي 14 مليون شخص أو ما يعادل 17 بالمئة من سكان البلاد قد خرجوا للتظاهر. ورغم إقرار وكالة الأنباء بأن الرقم “يبدو مرتفعًا بشكل غير معقول”، إلا أنها طمأنت القراء بأن الجيش “استخدم طائرات الهليكوبتر لمراقبة الحشود”.
أشار الموقع إلى أن المنافذ الإخبارية في جميع أنحاء العالم تناقلت مطالب المحتجين – بما في ذلك موقع “أصوات مصرية”. وقد استغل السيسي الاحتجاج الدولي والاضطرابات الداخلية للإطاحة بمرسي من السلطة، وتعليق الدستور الذي تم إقراره مؤخرًا. وواصل سياسيو المعارضة تضخيم العدد الإجمالي للمتظاهرين أكثر من أي وقت مضى، وقيل إن عددهم بلغ 33 مليونًا، وهو أعلى من إجمالي عدد المصريين الذين صوتوا لمرسي في المقام الأول.
https://www.dev-x90t21y5g15a.shihabpresse.dz/?p=26923
وذكرت المنظمة أن “أفراد الشرطة والجيش هاجموا مخيم الاحتجاج المؤقت باستخدام ناقلات جند مدرعة وجرافات وقوات برية وقناصة وقتلوا المتظاهرين بالرصاص”. ومع ذلك، نشر موقع “أصوات مصرية” تحقيقا رسميا في المجزرة ألقى فيه باللوم على المتظاهرين أنفسهم، زاعما أنهم “شنوا” هجمات على قوات الأمن. وفي ظروف غامضة، تم حذف ادعاء منظمة العفو الدولية بأن التحقيق كان بمثابة تبييض منسق، تم إعداده خصيصًا لحماية قوات الأمن.
وبشكل متوقّع، أفاد الموقع بشكل غير نقدي بفوز السيسي “الساحق” في الانتخابات في ماي 2014، عندما حصل على 96.91 بالمئة من الأصوات، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى انسحاب معظم المرشحين الآخرين من السباق الرئاسي، أو سجنهم قبل يوم الاقتراع. وبحلول ذلك الوقت، كانت القاهرة قد انزلقت بالفعل إلى الديكتاتورية، وتسير نحو الحكم الاستبدادي في السنوات القادمة.
مع ذلك، لم ينعكس أي أثر لهذا الواقع على صفحات موقع “أصوات مصرية”. وفي نوفمبر 2016، أفاد الموقع بشكل غير نقدي بأن السيسي يشرح للمشرعين الأمريكيين أنه لا ينبغي النظر إلى حقوق الإنسان في مصر من “منظور غربي”، بسبب “اختلاف التحديات والظروف المحلية والإقليمية”.
وحسب الموقع، ازداد الوضع في مصر سوءًا بحلول سنة 2017 لدرجة أن وزارة الخارجية البريطانية لم تعد قادرة على تجاهله. وفي شباط/ فبراير من تلك السنة، صنّفت لندن القاهرة “دولة ذات أولوية لحقوق الإنسان”. وأشارت ورقة الحقائق المرفقة إلى أن “تقارير التعذيب ووحشية الشرطة والاختفاء القسري” قد زادت في السنوات الأخيرة، وكذلك القيود المفروضة على “المجتمع المدني” و”حرية التعبير”، في حين “تم تحجير السفر على عدد من المدافعين البارزين عن حقوق الإنسان”.
وبعد شهر، أُغلق موقع “أصوات مصرية” بشكل رسمي. وأشار بيان صحفي مصاحب إلى أن مؤسسة “تومسون رويترز” لم تتمكن من “العثور على مصدر مستدام لتمويل المنصة”.
ومن غير المؤكد سبب توقف البريطانيين عن دعم هذا المنفذ الإخباري، على الرغم من أنه حقق بوضوح هدفه المتمثل في المساعدة في ضمان إقامة حكومة ودية ومرنة بشكل مناسب في القاهرة.
وعندما كشفت وسائل الإعلام البريطانية عن علاقة وكالة “رويترز” السرية التي تعود إلى حقبة الحرب الباردة مع المخابرات البريطانية في كانون الثاني/ يناير 2020، ادعى متحدث باسم وكالة الأنباء أن مثل هذا “الترتيب” “لا يتماشى مع مبادئ الثقة لديهم” و”لن يفعلوا ذلك اليوم”.
وأضاف أن وكالة “رويترز” لا تتلقى أي تمويل حكومي، وتوفر أخبارًا مستقلة وغير متحيزة في كل جزء من العالم”. لكن ما تغاضت عنه رويترز أنه قبل ثلاث سنوات من ذلك كانت الوكالة قناةً لوزارة الخارجية البريطانية لتمويل منفذ إعلامي مصري ساهم في الإطاحة بأول حكومة منتخبة في تاريخ مصر.