أعلنت أسرة المعتقل عبد الرحمن الجبرتي الطالب بجامعة القاهرة والذي أعلنت السلطات المصرية إعدامه فجر الاثنين الماضي، أن نجلها تم إعدامه قبل استكمال إجراءات التقاضي الخاصة به.
وطبقا لمحاميه أسامة بيومي فإن الجبرتي الذي يبلغ من العمر 25 عاما، تم اعتقاله في 26 آذار/ مارس 2015 بعد إطلاق النار عليه واتهامه بقتل رئيس مباحث قسم شرطة الجناين بمحافظة السويس، وتم إحالته لمحكمة عسكرية حكمت عليه في 11 كانون الأول/ ديسمبر 2017 بالإعدام، إضافة لمجموع أحكام تجاوزت مائتي عام حصل عليها في قضايا أخرى.
وقال بيومي إن “أسرة عبد الرحمن تلقت اتصالا هاتفيا من قسم شرطة الجناين، صباح أمس الاثنين للذهاب إلى مشرحة زينهم في القاهرة لاستلام جثة نجلهم لوفاته في محبسه، ثم تلقت بعدها اتصالا آخر من نفس القسم بأن الوفاة كانت نتيجة تنفيذ حكم الإعدام طبقا للحكم الصادر ضده، وأنه تم تنفيذ الحكم صباح الاثنين”.
وأشار إلى أن “أسرة الجبرتي كانت قد تقدمت بطعن على حكم المحكمة العسكرية الخاص بالإعدام في آذار/ مارس الماضي، ومازال الطعن مقيدا بنيابة السويس العسكرية، ولم يتم تحويله لدائرة الجنايات العليا التي تنظر النقوض العسكرية كما ينص القانون العسكري، وبالتالي لا يحق لوزير الدفاع التصديق على حكم الإعدام إلا بعد انتهاء كل مراحل التقاضي المنصوص عليها في القانون، وهو ما لم يحدث مع الجبرتي”.
وأوضح بيومي أن “شكوكا تحيط بالوفاة خاصة، وأن الإعدام تم فجر الاثنين، بينما جرى العرف أن تنفيذ أحكام الإعدام يتم يوم الثلاثاء، إضافة لأن سجن الزقازيق العمومي بمحافظة الشرقية، ليس به غرفة لتنفيذ أحكام الإعدام، وهي الغرف المتواجدة بعدد محدد من السجون منها سجن الاستئناف بالقاهرة وبرج العرب بالإسكندرية”.
الشكوك التي ذهب إليها بيومي أكدتها الناشطة الحقوقية نورا عبد الله المتابعة لقضية الجبرتي، والتي أوضحت أن الجبرتي تعرض للتعذيب في السجن طوال فترة حبسه التي امتدت لثلاثة أعوام وثلاثة أشهر، وقد شارف على الموت أكثر من مرة نتيجة التعذيب والإهمال الصحي، وبالتالي فإن خبر إعدامه يحيطه الشكوك، خاصة وأنه كان معزولا في زنزانة انفرادية داخل سجنه.
وفيما يتعلق بتأكيدات أهله بأنهم لم يجدوا في جثته آثارا للتعذيب، أكدت عبد الله أن هذا لا يمنع الشكوك التي تحيط بمقتله خاصة وأن السلطات غالبا ما تمارس ضغوطا على أهالي المعتقلين مقابل تسليم جثمان أبنائهم، وإلا لماذا منع الأمن أسرته من تنظيم جنازة له، وحددوا المشاركين في مراسم الدفن بأربعة أشخاص فقط من أهله، رغم أنهم كانوا متواجدين بكثرة أثناء استلام جثمانه من مشرحة زينهم.
وتضيف عبد الله أن الأسبوعين الماضيين شهدا وفاة ثلاثة معتقلين نتيجة الإهمال الطبي بسجني العقرب وطرة تحقيق، وهو ما يشير إلى أن هناك عمليات ممنهجة للقتل خارج نطاق القانون.
من جانبه أكد المحامي والناشط الحقوقي أحمد عبد الباقي أن “تنفيذ حكم الإعدام في حق الجبرتي دون انتهاء كل درجات التقاضي مخالف للقانون والدستور والمواثيق الدولية لأن حكم الإعدام أو غيره من الأحكام لا تكون نهائية إلا بعد انتهاء مراحل النقض، ووقتها يكون من حق السلطات أن تقوم بتنفيذ الحكم طبقا لذلك، ولذلك فإن تنفيذ حكم الإعدام قبل انتهاء درجات النقض يثير الشكوك في عملية الوفاة برمتها”.
وأضاف عبد الباقي أن “ما جرى مع الجبرتي سبق وأن حدث مع معتقلي قضية عرب شركس الشهيرة عام 2015 والذين تم إعدامهم رغم وجود طعون لذوي المعتقلين بمحكمة القضاء الإداري لوقف تنفيذ الحكم، وبالفعل صدر الحكم لصالحهم ولكنه كان بعد تنفيذ الإعدام”، موضحا أن “الرابط في القضيتين أن الأحكام كانت صادرة من محاكم عسكرية”.
وأكد أن “الجهات المعنية بالتحقيق وإيضاح الحقائق مثل النيابة العامة أو العسكرية وكذلك الطب الشرعي كلهم تحت سيطرة سلطات الانقلاب وبالتالي الكشف عن حقيقة ما يحدث يكون صعبا للغاية، وهو ما يمثل نذير خطر بأن تمتد هذه السياسة لغيرها من القضايا الصادر فيها أحكام بالإعدام وهي تتجاوز الآلاف نتيجة التوسع غير الطبيعي فيها سواء من المحاكم المدنية أو العسكرية”.
وأشار عبد الباقي كذلك إلى “خطورة تنفيذ تصفيات داخل السجون لعدد من المعتقلين الحاصلين على أحكام أولية بالإعدام، في ظل تخوفات الداخلية بأن تقوم محاكم النقض بإلغاء هذه الأحكام، وبالتالي تتم التصفية وإلصاقها بتنفيذ أحكام الإعدام، وهو ما يمثل خطرا على حياة المعتقلين خاصة قيادات الإخوان والتيارات السياسية الأخرى التي مازالت على موقفها من رفض الانقلاب العسكري”.